نص متحرك

♥†♥انا هو الراعي الصالح و الراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف يو 10 : 11 ♥†♥ فيقيم الخراف عن يمينه و الجداء عن اليسار مت32:25 ♥†♥ فلما خرج يسوع راى جمعا كثيرا فتحنن عليهم اذ كانوا كخراف لا راعي لها فابتدا يعلمهم كثيرا مر 34:6 ♥†♥ و اما الذي يدخل من الباب فهو راعي الخراف يو 2:10 ♥†♥

السبت، 12 سبتمبر 2020

35- القديس بولس الرسول و طرق الاستنارة الروحية

للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى

 

كانت رسالة القديس بولس التي أنتخبه الرب لها خادماً وشاهداً أن يهب الأستنارة ويكرز لكى يرجع الناس من الظلمات إلى النور ومن سلطان الشيطان إلى الله حتى ينالوا الايمان بالمسيح وغفران الخطايا ونصيبا مع المقدسين { فَقُلْتُ أَنَا: مَنْ أَنْتَ يَا سَيِّدُ؟ فَقَالَ: أَنَا يَسُوعُ الَّذِي أَنْتَ تَضْطَهِدُهُ. وَلَكِنْ قُمْ وَقِفْ عَلَى رِجْلَيْكَ لأَنِّي لِهَذَا ظَهَرْتُ لَكَ لأَنْتَخِبَكَ خَادِماً وَشَاهِداً بِمَا رَأَيْتَ وَبِمَا سَأَظْهَرُ لَكَ بِهِ مُنْقِذاً إِيَّاكَ مِنَ الشَّعْبِ وَمِنَ الأُمَمِ الَّذِينَ أَنَا الآنَ أُرْسِلُكَ إِلَيْهِمْ لِتَفْتَحَ عُيُونَهُمْ كَيْ يَرْجِعُوا مِنْ ظُلُمَاتٍ إِلَى نُورٍ وَمِنْ سُلْطَانِ الشَّيْطَانِ إِلَى اللهِ حَتَّى يَنَالُوا بِالإِيمَانِ بِي غُفْرَانَ الْخَطَايَا وَنَصِيباً مَعَ الْمُقَدَّسِينَ.} (أع 15:26-18). السيد المسيح هو النور الوديع ينير قلوبنا ويشرق علينا بنور الإيمان كما تنبأ عنه ملاخى النبى قديما { ولكم أيها المتقون اسمي تشرق شمس البر والشفاء في أجنحتها }(ملا 4 : 2 ). لقد قاد الله الشعب في القديم بعمود السحاب نهاراَ وعمود من النار ليلا ليهديهم في الصحراء وهو لا يزال يهدي ويرشد وينير الذين يطلبونه مانحا إياهم روح المعرفة والحكمة والفهم. وعندما جاء السيد المسيح الى أرضنا تحققت نبؤة اشعياء النبى { الشعب الجالس في ظلمة ابصر نورا عظيما والجالسون في كورة الموت وظلاله اشرق عليهم نور}( إش 6:42 ، مت 16:4). نؤمن ونصير أبناء النور ونستيقظ من ظلمة الخطية. فالإيمان بالمسيح واتباع وصاياه يحقق فى النفس البشرية كلام الرب بفم النبى { قومي استنيري لأنه قد جاء نورك ومجد الرب أشرق عليك ..لانه ها هي الظلمة تغطي الأرض والظلام الدامس الأمم اما عليك فيشرق الرب ومجده عليك يرى } (اش 60 : 1-2 ). إن النور يدعونا أن نعرفه ونسلك فيه.

المعمودية والاستنارة...

 + الذى يعتمد يولد من فوق ويصير ابناً لله ويشرق عليه نور الإيمان ويعطى استنارة داخلية ويلبس المسيح وينمو في معرفة حقائق الإيمان المسيحي وسرّ التجسّد والفداء ويحيا أسرار الكنيسة ويجاهد برجاء منتظر المجيء الثاني وقيامة الأموات وحياة الدهر الآتي وكما يقول القديس بولس {لأَنَّكُمْ جَمِيعاً أَبْنَاءُ اللهِ بِالإِيمَانِ بِالْمَسِيحِ يَسُوعَ. لأَنَّ كُلَّكُمُ الَّذِينَ اعْتَمَدْتُمْ بِالْمَسِيحِ قَدْ لَبِسْتُمُ الْمَسِيحَ.} (غلا 26:3-27). ويقول القديس يوحنا ذهبي الفم " ما دام المسيح هو ابن الله وأنتم قد لبستموه، واقتنيتموه داخلكم، وتشكلتم على مثاله، صرتم أقرباء له، واحدًا معه". فاطلبوا من الله ان يعطيكم البصيرة الروحية لتعرفوه وتثبتوا فيه وتلبسوه. وكما يقول القديس باسيليوس الكبير "لا تسمح لدنس أو غضن يدنس نقاوة ثوب الخلود، بل احفظ قداسه كل أعضائك، إذ تلبس المسيح؛ لتكن أعضاؤكم جميعًا مقدسة فتكون كمرتدية ثوبًا من القداسة والنور".            

+ بالمعمودية لا نلبس المسيح فقط وإنما نصير واحدًا معه، نشترك في صلبه ونموت معه لنقوم ونتمتع بالحياة الجديدة معه { مَعَ الْمَسِيحِ صُلِبْتُ، فَأَحْيَا لاَ أَنَا بَلِ الْمَسِيحُ يَحْيَا فِيَّ. فَمَا أَحْيَاهُ الآنَ فِي الْجَسَدِ فَإِنَّمَا أَحْيَاهُ فِي الإِيمَانِ، إِيمَانِ ابْنِ اللهِ، الَّذِي أَحَبَّنِي وَأَسْلَمَ نَفْسَهُ لأَجْلِي.} ( غلا 19:2-20). الحياة المسيحية المستنيرة بالمسيح نموت فيها عن شهوات العالم و نحيا بالإيمان في المسيح يسوع ويُعرف القديس بولس مضمون هذا الإيمان ودافعه إنه إيمان ابن الله الذي أحبني وأسلم نفسه لأجلي. فالصليب هو عمل إرادي فيه نعطى الذات للغير من أجل الحب والحب هو تسليم كامل غير مشروط لإرادة الله هذا ما يعلنه حب الله على الصليب.هذا هو غرض الله من أجلنا، هذا الذي صار إنسانًا وافتقر (2كو8: 9)، لكي يُحْيى أجسادنا (رو 11:8)، ونستعيد صورته (1كو15: 48)، ويتجدد الإنسان (كو 3: 11) فنصير واحدًا في المسيح. ونتدرج في الثبات والاتحاد بالمسيح حسب نمونا الروحي ومقدرتنا على المعرفة والحبّ.

+ الله يدعونا لننمو في النور والحياة معه، وهو يريد أن يأتي إلينا ويصنع عندنا منزلا فلا تتكاسل فى زمن الجهاد، بل لنطلب فنجد، ونسأل فسيعطى لنا، ونقرع فسيفتح لنا. آمنوا بالنور وسيروا معه وفيه وهو يقود خطواتكم ويمنحكم حياة  أبدية. إن المؤمن وإن كان حائزًا على هذه النعم الروحية  إلاّ أنه لايزال في حرب مع الشيطان، عدو الجنس البشرى (أف 12:6) فلا يليق إذًا أن نتخاذل في هذا الجهاد بل نتكل على رحمة الله ونرجو رجاء مبارك ونمارس أعمال الصلاح باستمرار ونضع على الدوام نصب عيوننا محبة الله وكل ما هو طاهر وجليل.

التوبة والنور...  ترمز الظلمة إلى حياة الخطية، التى يفعلها الأشرار بعيداً عن النور، لأنها مخجلة ، وتجلب العار لفاعلها، وتحرمه من عالم النور لهذا فان رجوع الخاطئ إلى الله ينقله من الظلمة إلى نور الله العجيب، ولهذا جاء النور الى العالم ليفضح إعمال الظلمة. ومن أجل هذا دعي القديس بولس الرسول إلى التوبة { قد تناهى الليل وتقارب النهار فلنخلع أعمال الظلمة ونلبس أسلحة النور }( رو 13 : 12 ). الإنسان الخاطئ يحيا في الظلام. كذلك الذى يبغض أخاه يحيا في الظلمة { من قال إنه في النور وهو يبغض أخاه فهو إلى الآن في الظلمة. من يحب أخاه يثبت في النور وليست فيه عثرة }1( يو 2 : 9- 10 ). فلا نخاف حتى وان حاولت قوات الظلمة ان تعثرنا ،ولنقم مجاهدين  مع الله من اجل خلاص نفوسنا { لا تشمت بي يا عدوتي إذا سقطتُ أقوم ، إذا جلست في الظلمة فالربّ نور لي }( أم 7 : 8 ). لنحرص إذا على نقاوة حواسنا وفكرنا { فسراج الجسد هو العين فان كانت عينك بسيطة فجسدك كله يكون نيّراً،وان كانت عينك شريرة فجسدك كله يكون مظلماً، فان كان النور الذي فيك ظلامًا فالظلام كم يكون } (مت 6 : 22- 23 ). النور يرمز إلى عمل البر { أنتم نور العالم ، فليضئ نوركم قدام الناس ، لكى يروا أعمالكم الحسنة ، ويمجدوا أباكم الذى فى السماوات } ( مت 5 : 14 – 16 ). الإنسان الروحي بقيمه ومبادئه وبالمسيح الساكن فيه يضئ كنور فى العالم لمن حوله لهذا يقول الرسول { كونوا بلا لوم وبسطاء أولاد الله بلا عيب  فى وسط جيل مُعوج وملتو ، تضيئون بينهم كأنوار فى العالم } ( في 2 : 15 ). الحاجة ماسة الاستنارة الروحية للقلب والذهن من الروح القدس وبالمداومة على ممارسة كل وسائط النعمة والخلاص، بناء على رجاء القديس بولس { مستنيرة عيون أذهانكم } ( أف 1 : 18 ) . فلنطلب من الرب من كل القلب، أن ينير عقولنا وقلوبنا ويهبنا توبة مقبولة، ويعطينا حكمة ونعمة دائمة، وارتباط بكل وسائط الاستنارة الروحية، والعملية، ولنتعلم من الاباء القديسين، التى أنارهم الروح القدس ، وأعطاهم نعمة وحكمة ، وخبرة ، لربح وخلاص النفوس، والسعى لربح السماء.

الروح القدس والاستنارة .. الروح القدس هو روح الله القدوس، روح الحكمة والمعرفة والعلم، هو الذى يبكت الانسان على الخطية ليتوب عنها ويدفعه لعمل البر ويعلمنا كل شئ ويذكرنا بكلام السيد المسيح فى وقته المناسب، انه يهبنا الصيرة الروحية التى بها نعرف ارادة الله التى بها نتصرف بحكمة من الله تجاه الناس والظروف والاحداث لنصير تحت سلطان الروح ولا نقع تحت الدينونة {  إِذاً لاَ شَيْءَ مِنَ الدَّيْنُونَةِ الآنَ عَلَى الَّذِينَ هُمْ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ السَّالِكِينَ لَيْسَ حَسَبَ الْجَسَدِ بَلْ حَسَبَ الرُّوحِ.} ( رو1:8). وكما قال القديس الأنبا مقاريوس الكبير فى عظته السادسة والأربعين لابنائه الروحيين ويقول لنا ايضا ان من يلتصق بالرب يصير متحدا به ويستنير ويصير طاهرا بنعمة وعمل الروح القدس " إن الله محب البشر في حنانه نحو الإنسان، يفعل هكذا مع النفس التي تأتى إليه وتطلبه باشتياق. ولأنه يكون مدفوعاً بالمحبة، من ذاته، و بالصلاح الطبيعي الخاص به، إذ هو الكلى الصلاح، فإنه يلتصق بتلك النفس ويصير معها "روحاً واحداً" كما يقول الرسول (1كو17: 6). النفس والرب يصيران روحاً واحداً: وحينما تلتصق النفس بالرب، ويعطف عليها الرب ويحبها ويأتى إليها ويلتصق بها، وتكون نية الإنسان وقصده أن يستمر بلا انقطاع أميناً لنعمة الرب، فإن الرب والنفس يصيران "روحاً واحداً" وأحساساً واحداً وعقلاً واحداً، وبينما يكون جسدها مطروحاً على الأرض فإن العقل يكون بكليته في أورشليم السماوية مرتفعاً إلى السماء الثالثة، و يلتصق بالرب ويخدمه هناك. فإن كان قلب الخطاة الذين في الظلمة أو عقلهم يستطيع أن يمضى بعيداً عن الجسد ويستطيع أن يتجول في أمكنة بعيدة، وفي لحظة يسافر إلى أقطار بعيدة، وأحياناً بينما يكون الجسد مُلقى على الأرض، يكون العقل (سارحاً) في بلاد أخرى مع صديق يحبه، ويرى نفسه كأنه يعيش هناك معه، فأقول إن كانت نفس الخاطئ هكذا خفيفة ونشيطة حتى أن عقلها لا يحجزه بُعد المسافات، فكم بالأولى جداً تكون النفس التي نزع الرب عنها حجاب الظلمة بقوة الروح القدس وقد استنارت عيونها العقلية بالنور السماوي، وقد أُعتقت تماماً من شهوات الخزي، وصارت طاهرة بالنعمة، فإنها تخدم الرب كلّية في السماء بالروح، وتخدمه كلية في الجسد، وتتسع في أفكارها حسبما يريد لها الرب وحيثما يريد لها أن تخدمه. وهذا ما يقوله الرسول { لكي تستطيعوا أن تدركوا مع جميع القديسين ما هو العرض والطول والعلو والعمق، وتعرفوا محبة المسيح التي تفوق المعرفة، لكي تمتلئوا إلى كل ملء الله} (أف19،18: 3)... فالنفس هي حقاً صنيع إلهى عظيم مملوء عجباً. وحين صنعها الرب، صنعها من طبيعة ليس فيها شر، بل صنعها على صورة فضائل الروح القدس ووضع فيها قوانين الفضائل والبصيرة، والمعرفة والفطنة، والإيمان، والمحبة والفضائل الأخرى بحسب صورة الروح" .

الكتاب المُقدّس والنور... ان أردنا  ان نستنير ويكون لنا فكر المسيح فلابد أن يكون لنا عشرة ولهج وتأمل في الكتاب المقدس بتواضع وحب وانفتاح على الروح القدس يعلمنا ويرشدنا ويفهمنا {لانه لم تات نبوة قط بمشيئة انسان بل تكلم اناس الله القديسون مسوقين من الروح القدس} (2بط 1 : 21). وان صعب علينا شئ فلنبحث عن تفسيره في كتابات الآباء القديسين، أن كلام الله نور { سراج لرجلي كلامك ونور لسبيلي} (مز 119 : 105 ). الوصية مصباح والشريعة نور والكتاب المقدس يقودنا بحكمة للخلاص { انك منذ الطفولية تعرف الكتب المقدسة القادرة أن تحكمك للخلاص بالايمان الذي في المسيح يسوع }(2تي 3 : 15). الكتاب المقدس  موحي به من الله ونافع للتعليم وكما يقول القديس بولس { كل الكتاب هو موحى به من الله ونافع للتعليم والتوبيخ للتقويم والتأديب الذي في البر} (2تي 3 : 16) الكلام الذي كلمنا به الرب هو روح وحياة ويقدس من يقرأه وينيره وعلينا أن نشكر الله الذي أهلنا لميراث القديسين { وكونوا شاكرين  الآب الذي أهلّنا لشركة ميراث القديسين في النور} (كو 1 : 12 ). نحن أيضا مدعوين  أن تكون نورا يضئ للذين في العالم، لكن النور الذي فينا ليس منا انه كنور القمر الذى يضئ فى الليل و يستمد نوره من نور الشمس. وإذا ابتعدنا عن شمس البر نصبح ظلمة لا نور فينا. وكلما اقتربنا من شمس الِبرِّ ونور المسيح ازداد نورنا وبهائنا. لقد بقي موسى النبي مع الله في الجبل أربعين يوما مصليّاً وعندما رجع لم يستطع بنو إسرائيل ان يروا وجهه لأنه كان يشع نورا وأنت نحن عندما نجلس مع مصدر النور نستضئ بنوره ويشرق في قلوبنا وعقولنا و يقود خطواتنا. علينا أن نلاحظ أنفسنا ونحرص على خلاصنا الى النفس الاخير ولا نطفئ الروح أو نفقد الاستنارة بخطايانا وتهاوننا كما هو مكتوب { لا تطفئوا الروح} (1تس19:5).

نصلي من أجل الاستنارة ...

* أيها الآب السماوي القدوس، الساكن في نور لا يدنى منه ونور لاهوتك نار آكلة للخطايا والأثام، ومنيرة للقلب والعقل والنفس. ونور حكمتك لا يمكن سبر أغوارها. ومحبتك للبشر تفوق العقول. نحبك يا أبانا القدوس ونعبدك في خشوع، ونشكرك لعظيم رعايتك المعلنة لنا في ابنك الوحيد الذي أنار لنا الحياة والخلود وأعلن محبتك. نعبدك ونشكرك لانك أهلتنا للبنوة والحياة الأبدية فاعطنا أن نحيا معك ونعيش مذاقه الملكوت معك كل حين.

*  يا الله واهب الاستنارة والحكمة والمعرفة، افتح عينيّ وبصيرتي لأعاين مجدك، كن نورا في قلبي وشمسا لدربي ونورا لحياتي، واستنارة لبصيرتي وحكمة تهديني. ولا تتركني أو تدعني أسير في الظلام. فتعال  يا يسوع الحلو وأنر حياتي فإنك لا تجعل ابنك يهلك بل بنورك عليه أشرق .

* يا روح الله القدوس الرب المحيّي العامل في الكون خالقا ومجدداً طبيعتنا، أنرْ عقولنا وأرواحنا  وقلوبنا، لنكون لك ونحيا  في النور وبك  نكون انوار تنير الطريق لكثيرين. فنحن نحتاج للاستنارة الروحية في مسيرة حياتنا علي الارض ووسط صعوبات الحياة وشرورها نحتاج لنورك ليضئ علينا لنكون نور وننال حكمة ومعرفة من فوق ونسكن أخيرا في الملكوت السماوي في عالم النور .

ليست هناك تعليقات: