للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى
السيد المسيح فى تواضعه قدوة لنا ومثال..
+ السيد المسيح له المجد وهو الله الظاهر فى الجسد عندما جاء الى أرضنا متجسدا أخلى ذاته من المجد وولد فى مذود للبقر وعاش وديعا متواضعا ودعانا أن نتعلم منه { احملوا نيري عليكم وتعلموا مني لاني وديع ومتواضع القلب فتجدوا راحة لنفوسكم} (مت 11 : 29). وقال مرة لشاب أراد أن يتبعه من أجل المنفعة { فقال له يسوع للثعالب اوجرة ولطيور السماء اوكار واما ابن الانسان فليس له اين يسند راسه }(لو 9 : 58). ربنا يسوع المسيح تواضع ليرفعنا وجاع ليشبعنا وعطش ليروينا وصعد على الصليب عريانا ليكسونا بثوب بره ولكى يقدم لتلاميذه ولنا مثالا عملياً في التواضع رأيناه يقوم بعمل العبد فى غسل ارجل تلاميذه { فلما كان قد غسل ارجلهم واخذ ثيابه واتكأ ايضا قال لهم اتفهمون ما قد صنعت بكم. انتم تدعونني معلما وسيدا وحسنا تقولون لاني انا كذلك. فان كنت وانا السيد والمعلم قد غسلت ارجلكم فانتم يجب عليكم ان يغسل بعضكم ارجل بعض. لاني اعطيتكم مثالا حتى كما صنعت انا بكم تصنعون انتم ايضا. الحق الحق اقول لكم انه ليس عبد اعظم من سيده ولا رسول اعظم من مرسله. ان علمتم هذا فطوباكم إن عملتموه} ( يو 12:13-17). ومنه تعلم القديس بولس الخدمة بروح التواضع وإنكار الذات فقال { فاني اذ كنت حرا من الجميع استعبدت نفسي للجميع لاربح الاكثرين} (1كو 9 : 19). فيعلن الرسول بولس أنه لا يتنازل عن حقوقه الخاصة باحتياجاته الزمنية فقط، لكنه وهو حر يتنازل عن حريته بإرادته ليسلك كعبدٍ عند سادته، يخدمهم ويهتم بما فيه نفعهم كعبدٍ لا يعمل لحساب نفسه بل لحساب سيده ولم يكن الرسول بولس مديون لأحد، لكنه حسب نفسه ملكًا لكل أحدٍ، كأنه عبد للجماعة كلها، وأن أكد الرسول حريته، فقد ولد حرًا، يحمل الجنسية الرومانية بالمولد، لم يُستعبد لأحد قط. وبكامل حريته يشتاق أن يكون عبدًا لكل أحدٍ لكي يربح الأخرين أبناء للَّه يتمتعون بحرية مجد أولاد اللَّه. ويوصينا قائلا { فانكم انما دعيتم للحرية ايها الاخوة غير انه لا تصيروا الحرية فرصة للجسد بل بالمحبة اخدموا بعضكم بعضا } (غل 5 : 13). ويتشبه الرسول بولس بسيده الذي افتقر لكي بفقره يغنينا، وصار عبدًا مصلوبًا لكي يهبنا بروحه القدوس البنوة للَّه هكذا تنازل الرسول حتى عن حريته بالمحبة ليخدم أخوته حاسباً نفسه عبداً لهم.
+ لقد طوب السيد الرب المساكين بالروح واعدا اياهم بملكوت السموات {
طوبى للمساكين بالروح لان لهم ملكوت السماوات}( مت 3:5). وما هي المسكنة بالروح
إلا حياة التواضع؟. خلال المسكنة يدرك الإنسان أنه بدون الله يكون كلا شيء، فينفتح
قلب المتواضع بانسحاق لينال النعمة. لذلك يدعونا القديس بولس الرسول الى التعلم من
معلم التواضع والفضيلة { فليكن فيكم هذا الفكر الذي في المسيح يسوع ايضا. الذي إذ
كان في صورة الله لم يحسب خلسة ان يكون معادلا لله. لكنه اخلى نفسه اخذا صورة عبد
صائرا في شبه الناس. وإذ وجد في الهيئة كإنسان وضع نفسه وأطاع حتى الموت موت
الصليب. لذلك رفعه الله ايضا واعطاه اسما فوق كل اسم. لكي تجثو باسم يسوع كل ركبة
ممن في السماء ومن على الأرض ومن تحت الأرض. ويعترف كل لسان أن يسوع المسيح هو رب
لمجد الله الاب}( في 5:2-11). واستطاع السيد المسيح بأسلوب بسيط أن يعبِّر عن حقائق
في منتهى العمق. فكان يكلم الناس بأمثال بسيطة يفهمها كل إنسان، وعميقة يتعجب منها
الفهماء والحكماء . فيقول فى إنجيل معلمنا لوقا البشير {متى دُعيت من أحد إلى عرس
فلا تتكئ فى المتكأ الأول لعل أكرم منك يكون قد دعي منه. فيأتي الذي دعاك وإياه
ويقول لك أعط مكاناً لهذا. فحينئذ تبتدئ بخجل تأخذ الموضع الأخير. بل متى دعيت
فاذهب واتكئ في الموضع الأخير حتى إذا جاء الذي دعاك يقول لك يا صديق ارتفع إلى
فوق. حينئذ يكون لك مجد أمام المتكئين معك.لأن كل من يرفع نفسه يتضع ومن يضع نفسه
يرتفع} (لو 14: 8-11). المثل بسيط يمكن لاي إنسان أن يفهمه، وهو أسلوب عملي في
تعليم الاتضاع. ولابد أننا رأينا أناساً يحاولون تصدُّر المتكآت الأولى، ويكونون
مصدراً للمشاكل والمضايقات للآخرين، وراء هذا المثل البسيط تكمن معان كبيرة جداً.
فبعدما ذُكر المثل، أعطى السيد المسيح التعليم الأعمق {لأن من يرفع نفسه يتضع ومن
يضع نفسه يرتفع}.لهذا يوصينا القديس بولس قائلا { فالبسوا كمختاري الله القديسين
المحبوبين أحشاء رأفات ولطفا وتواضعا ووداعة وطول اناة} (كو 3 : 12). كمختاري الله
الذين في المسيح, يطلب منا الرسول بولس لباس الفضيلة كثوب ويشير إلى أحشاء رأفات
ولطفا وتواضعا ووداعة وطول الأناة. فإن كان مسيحنا تواضع حين اتحد بناسوتنا وارتضى
أن يخفي مجد لاهوته وصار كعبد فالتواضع النسبة لنا هو اكتشاف حقيقتنا، مدركين أننا
لا نقدر ان نفعل شيئا بدون النعمة الإلهية.
نريد ان نتعلم منك ..
+ أيها الرب الوديع المتواضع القلب يا من دعوتنا لنتعلم منك الوداعة وتواضع
القلب لنجد راحة لنفوسنا وشبعا لأرواحنا ونعمة فى عينيك وأعين الناس. يا عظيما جاء
من أعلى السماء وتسبحه الملائكة فى العلاء ونادت بالسلام على الارض عندما راته
يتنازل ويحل بيننا ويولد كطفل صغير فى مذود فقير ولم يحد ذلك من لاهوته بل ذاده
التواضع مجداً وبهاء فحلت بتجسدك المسرة على البشرية جمعاء وأصبحت موضوع سرور الآب
فيك وبك ومعك لانك رفعتنا معك وقدمتنا شعباً مبرراً لله الآب ، نشكرك يا معلم
الوداعة والتواضع وندعوك أن تحل بالإيمان فى قلوبنا فنثمر وننمو ونمجد عظيم تواضعك
.
+ يارافع المتواضعين ورجاء البائسين ومعين
لمن ليس له معين ، أعيننا نحوك وتترجاك لأنك قائد نصرتنا على قوى الشر وشبعنا
وارتوينا فى برية العالم القاحلة فكما قبلت العشار وخرج من أمامك مبررا ،
اقبل طلبه شعبك والتفت إلى تنهد عبيدك وخلصهم من كل شدة ، وهبنا حكمة ونعمة من عندك
لنسير كما تحب ونصير كما تريد ، علمنا ان نقدم بعضنا بعضا فى الكرامة ونشعر اننا
تراب ورماد ونستند على قوتك فننجو من فخاخ ابليس الملتهبة ناراً ومن حروب المجد
الباطل والتذكية الكاذبة للنفس ، فنحن يارب دونك لاشئ ابداً .
+ الهنا الوديع علمنا أن نتواضع ونطيع لئلا نهلك ونضيع وتحت صليب محبتك نتأمل المحبة الباذلة والرحمة الغافرة والسلام العجيب والحكمة الهادئة والتواضع الذي يحتمل تجديف الأعداء وخيانة الاصدقاء وجفاء الأبناء وجحود من جلت تصنع معهم خيراً، أن صبرك وحلمك ومغفرتك للصالبين يعلن لنا كيف يكون الحب ومعنى أن يضع المحب نفسه من أجل أحبائه. وعلمنا أن نتعلم من رسلك القديسين ونسير على أثر خطواتهم ونقتفي طريقهم فى التواضع والمحبة ونسلك بإيمانهم المستقيم، لننال نصيباً وميراثاً مع القديسين من أجل رحمتك الجزيلة ونعمتك الغنية ومحبتك للبرشرية، ليتمجد ويتبارك أسمك القدوس، آمين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق