للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى
الله يدعونا لحياة الشكر....
+ عندما شفى السيد المسيح له المجد العشرة البرص، رجع منهم واحد فقط ليقدم الشكر لله وكان رجلا سامري وتعجب السيد المسيح لعدم العرفان بالجميل من التسعة الباقين وعدم تقديمهم الشكر لله قائلا: { فواحد منهم لما رأى أنه شفي رجع يمجد الله بصوت عظيم. وخر على وجهه عند رجليه شاكرا له وكان سامريا. فأجاب يسوع وقال أليس العشرة قد طهروا فأين التسعة. ألم يوجد من يرجع ليعطي مجدا لله غير هذا الغريب الجنس}( لو 15:17-18). من أجل هذا تعلمنا الكنيسة فى كل صلاة نصليها أن نبدأ الصلاة الربانية ثم نقدم صلاة الشكر لله صانع الخيرات الرحوم لأنه سترنا وأعاننا وحفظنا وقبلنا إليه وأشفق علينا وعضَددنا ووهبنا نعمة الحياة أن نصلي إليه ونشكره. وهذا عينه ما أختبره وعاشه أناس الله القديسين. لقد عرف داود النبي مراحم الله واختبرها لذلك رأيناه يبارك ويشكر الله دائما { باركي يا نفسي الرب وكل ما في باطني ليبارك اسمه القدوس. باركي يا نفسي الرب ولا تنسي كل حسناته. الذي يغفر جميع ذنوبك الذي يشفي كل امراضك. الذي يفدي من الحفرة حياتك الذي يكللك بالرحمة والرأفة. الذي يشبع بالخير عمرك فيتجدد مثل النسر شبابك. الرب مجري العدل والقضاء لجميع المظلومين. الرب رحيم ورؤوف طويل الروح وكثير الرحمة. لا يحاكم إلى الأبد ولا يحقد الى الدهر. لم يصنع معنا حسب خطايانا ولم يجازنا حسب اثامنا} (مز1:103-10 ). وهذا عينه ما رأيناه فى حياة القديس بولس الرسول { اني اشكر الله الذي اعبده من اجدادي بضمير طاهر} (2تي 1 : 3). ودعانا أن نتمثل به كأبناء محبين لله { فكونوا متمثلين بالله كاولاد احباء. واسلكوا في المحبة كما احبنا المسيح ايضا واسلم نفسه لاجلنا قربانا وذبيحة لله رائحة طيبة. شاكرين فى كل حين، على كل شئ} ( أف 1:5- 2، 20 ). الله محبة ومن يثبت في المحبة يثبت في الله والله فيه، لقد تجسدت المحبة وبذلت ذاتها لاجلنا قربانا وذبيحة لله ونحن بعد خطاة فاي شكر وحمد وعرفان يجب أن نقدمه لله ؟. وعلي مثال محبته علينا أن نسلك في المحبة شاكرين الله في كل حين علي كل شئ، لان الله كأب رحوم وصانع الخير وصالح يقدم لنا خيراته، وعلينا أن نقدم له الشكر الدائم { أَمْ أَيُّ إِنْسَانٍ مِنْكُمْ إِذَا سَأَلَهُ ابْنُهُ خُبْزاً، يُعْطِيهِ حَجَراً؟ وَإِنْ سَأَلَهُ سَمَكَةً، يُعْطِيهِ حَيَّةً؟ فَإِنْ كُنْتُمْ وَأَنْتُمْ أَشْرَارٌ تَعْرِفُونَ أَنْ تُعْطُوا أَوْلاَدَكُمْ عَطَايَا جَيِّدَةً، فَكَمْ بِالْحَرِيِّ أَبُوكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ، يَهَبُ خَيْرَاتٍ لِلَّذِينَ يَسْأَلُونَهُ!} (مت ٧: ٩، ١١). الله كأب قدوس وصالح لا ينسانا حين يمنح وحين يمنع، بل يعاملنا حسب غني رحمته {هل تنسى المرأة رضيعها فلا ترحم ابن بطنها؟! حتى هؤلاء ينسين وأنا لا أنساك} (إش ٤٩: ١٥). هل نشكر على كل ما يقدمه لنا؟ حتى وإن حلّ بنا مرض أو تجربة. نعم هذا هو واجب الأبناء تجاه أبيهم السماوي. فإن كنت تشكر في الراحة والرخاء والنجاح والغنى فهذا ليس بالأمر العظيم، ولا هو بالعجيب، إنما يلزم المؤمن أن يشكر حين يكون في أحزان وضيقات ومتاعب. ليست كلمة أفضل من القول: "أشكرك أيها الرب". نشكر الرب على البركات التي نراها والتي لا نراها أيضًا، لنشكره بكل نفوسنا. وكما يوصينا القديس بولس {اشكروا في كل شيء لأن هذه هي مشيئة الله في المسيح يسوع من جهتكم } (1تس 5 : 18). أن حياة الشكر في كل شيء هو سمة أبناء الله وبخاصة الأتقياء الذين يدركوا أن الله كلي الحكمة والحب يشكرونه من أجل صلاحه ومعاملاته الصالحة، نلهج من قلوبنا بتسبحة شكر لا ينقطع لله ونشعر أننا مديونين لأبينا السماوي بكل حياتنا وما فيها من خير، مدركين أبوة الله ورعايته الفائقة، فتصرخ أعماقه بتسابيح الحمد، وينفتح لسان إنساننا الداخلي بالترنم كما فعل الأطفال والرضع عند دخول السيد أورشليم.
+ لقد أخذنا من نعمة الله المفاضة علينا في المسيح يسوع ربنا {ومن ملئه نحن جميعا أخذنا ونعمة فوق نعمة. لان الناموس بموسى اعطي اما النعمة والحق فبيسوع المسيح صارا} (يو 1: 17-18). فالشكر جواب ورد عملى على نعمة الله الغنية والتعبير النهائي عنها يكمن في سر الأفخارستيا. ففي العشاء السري وعلى الصليب، يكشف يسوع عن هدف حياته وموته، ألا وهو الشكر من قلبه لتتميم عمل الخلاص والفداء، وصلاة القداس هي امتداد لعمل المسيح الخلاصي على الصليب. السيد المسيح هو الذي رفع أولاً الشكر إلى الآب ونحن "به ومعه وفيه" نقدم شكرنا و تسبيحنا للاب القدوس. فبعد أن أدرك المسيحيون معنى النعمة التى حصلوا عليه، لقد جذبنا بربط المحبة كقوله { وانا ان ارتفعت عن الارض اجذب الي الجميع }(يو 12 : 3). من يجعل من الشكر حياتنا فنشكر الله على كل حال وفى كل حال ومن أجل كل حال. أن تعاملات الله عبر التاريخ تعلن لنا عطايا الله و غنى نعمته المجانية المفاضة على البشر. وفعل الشكر هو جواب الإنسان لهذه النعمة المتدفقة والمتواصلة التي تجد كمالها في المسيح. فالشكر هو وعي بعطايا الله وعرفان بالجميل أمام العظمة الإلهية وهو يأتي في الكتاب المقدس كرد فعل عميق للخليقة التي تكتشف عظمة االله ومجده. فخطيئة الوثنيين في نظر القديس بولس تكمن في أنهم عرفوا الله ولم يشكروه أو يمجدوه كاله {لان اموره غير المنظورة ترى منذ خلق العالم مدركة بالمصنوعات قدرته السرمدية ولاهوته حتى انهم بلا عذر. لانهم لما عرفوا الله لم يمجدوه او يشكروه كإله بل حمقوا في أفكارهم وأظلم قلبهم الغبي. وبينما هم يزعمون انهم حكماء صاروا جهلاء} (رو 20:1-22).
الشكر لله من أجل صفاته وأعماله..
+ يقدم القديس بولس الرسول الشكر لله كل حين على النعمة المعطاة لنا { اشكر الهي في كل حين من جهتكم على نعمة الله المعطاة لكم في يسوع المسيح }(1كو1 : 4). فعلينا أن نشكر الله كل حين علي نعمته الغنية ومحبته الأبدية ومراحمة المتجددة كل صباح والمقدمة للكنيسة ولكل مؤمن ومؤمنة فيها كما يقدم القديس بولس الشكر من أجل الكنيسة في كورنثوس ويُعلن شكره الدائم للَّه على الجوانب الطيبة والمقدسة في هذه الكنيسة فحتي ضعفاتهم وضعفاتنا لم تحجب عنا بركات وعطايا الله. فالرسول يقدم ذبيحة شكر دائمة "في كل حين" للَّه الذي دعاه لخدمته بنعمته، والذي لا يتوقف عن أن ينمي الكنيسة لكي تتمتع بنعمة اللَّه الغنية في المسيح يسوع التي دعانا لا لنكون قديسين في المسيح يسوع ونصير أغنياء في مواهب الروح التي يتحدث عنها في هذه الرسالة؛ أغنياء في الإيمان وبعمل ومواهب الروح نترجى مجيء الرب الأخير.
+ هاتف المرنم شاكراً الرب الذى ينجي حتى من الموت { احمدك يا رب الهي من كل قلبي وأمجد اسمك الى الدهر.لان رحمتك عظيمة نحوي وقد نجيت نفسي من الهاوية السفلى} (مز 86: 12-13). الشكر والحمد هو اعتراف عملي بفضل الله، ويقود إلى إعلان العظائم التي يجريها معنا وإلى الشهادة لأعماله وصفاته ولهذا فالشكر يتضمن غالباً الإشارة إلى جماعة الصديقين التي دُعيت لتسمع وتشارك في الشكر { أحمدك في الجماعة الكثيرة في شعب عظيم اسبحك} (مز 35: 18). اللفظ الذي يجسم فعل الشكر في العهد القديم ويترجم بصورة دقيقة المقصود، هو عبارة "مبارك الرب الإله " ففي العبرية "باروخ اته ادوناى " يفصح عن صدى بركة الله الذي يهب خليقته الحياة والخلاص ويقابل بالشكر من الإنسان لخالقه { باركوا الرب يا كهنة الرب سبحوا وارفعوه الى الدهور. باركوا الرب يا عبيد الرب سبحوا وارفعوه الى الدهور. باركوا الرب يا ارواح ونفوس الصديقين سبحوا وارفعوه الى الدهور. باركوا الرب أيها القديسون والمتواضعو القلوب سبحوا وارفعوه الى الدهور. } (دا3: 84-87}. وكما يقول القديس بولس { وَلْيُعْطِكُمْ إِلَهُ الصَّبْرِ وَالتَّعْزِيَةِ أَنْ تَهْتَمُّوا اهْتِمَاماً وَاحِداً فِيمَا بَيْنَكُمْ بِحَسَبِ الْمَسِيحِ يَسُوعَ. لِكَيْ تُمَجِّدُوا اللهَ أَبَا رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَفَمٍ وَاحِدٍ. لِذَلِكَ اقْبَلُوا بَعْضُكُمْ بَعْضاً كَمَا أَنَّ الْمَسِيحَ أَيْضاً قَبِلَنَا لِمَجْدِ اللهِ. وَأَقُولُ: إِنَّ يَسُوعَ الْمَسِيحَ قَدْ صَارَ خَادِمَ الْخِتَانِ مِنْ أَجْلِ صِدْقِ اللهِ حَتَّى يُثَبِّتَ مَوَاعِيدَ الآبَاءِ. وَأَمَّا الأُمَمُ فَمَجَّدُوا اللهَ مِنْ أَجْلِ الرَّحْمَةِ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: «مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ سَأَحْمَدُكَ فِي الأُمَمِ وَأُرَتِّلُ لاسْمِكَ» وَيَقُولُ أَيْضاً: «تَهَلَّلُوا أَيُّهَا الأُمَمُ مَعَ شَعْبِهِ» وَأَيْضاً: «سَبِّحُوا الرَّبَّ يَا جَمِيعَ الأُمَمِ وَامْدَحُوهُ يَا جَمِيعَ الشُّعُوبِ» وَأَيْضاً يَقُولُ إِشَعْيَاءُ: «سَيَكُونُ أَصْلُ يَسَّى وَالْقَائِمُ لِيَسُودَ عَلَى الأُمَمِ. عَلَيْهِ سَيَكُونُ رَجَاءُ الأُمَمِ».} ( رو5:15-12). لقد انفتح بالمسيح يسوع باب الإيمان للجميع، يهود وأمم، ومن كل الشعوب والالسنة، وأغدق الله مراحمه الإلهية لينعم الجميع بعمله الخلاصي من أجل ذلك نقدم الحمد لله والتسبيح لاسمه، كما سبق وأنبأ المرتّل: {لذلك أحمدك يا رب في الأمم وأرنم لك} (مز 18: 49)، وما أعلنه موسى النبي: { تهلّلوا ايها الامم شعبه}(تث 32: 43). ولهذا يقدّم الرسول بولس الصلاة لله ليزيدنا في هذا الرجاء والإيمان بقوّة الروح القدس لنكون مملوئين سرورًا وسلامًا، إذ يقول: { وليملأكم إله الرجاء كل سرور وسلام في الإيمان، لتزدادوا في الرجاء، بقوّة الروح القدس} (رو 13:15)
+ لدينا الكثير والكثير من الأشياء التي تستحق الشكر، عزيزي هل شكرت الله على انك لك عينان ترى بهما. وعلى نعمة القراءة وعلى ضوء الشمس والكهرباء ؟ يقول الشاعر الراحل أمل دنقل : ترُي حين افقأ عينيك ، واثبت مكانهما جوهرتين . ترُي هل ترى؟. تلك أشياء لا تشترى!. فهل شكرنا الله على نعمة البصر. كم من أناس لم تتاح لهم فرصة التعليم ولا يستطيعوا القراءة؟. فهل شكرت الله على ذلك؟. وكم يكفي من المال مقابل قدميك ؟ إن لدينا نعم كثيرة تكفى للشكر الدائم، و الانسان القنوع بما لديه ، الشاكر الله على نعمه يحيا سعيدا ويقبل نفسه كما هو ساعيا إلى الكمال المسيحي والنمو الروحي والعملي في تواضع ورضا بما لديه فى غير تذمر او تمرد او عصيان بدلا من السعى للوصول الى أهداف زائفة تقود إلى هلاك النفس{لانه ماذا ينتفع الانسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه او ماذا يعطي الانسان فداء عن نفسه } (مت 16 : 26). {واما التقوى مع القناعة فهي تجارة عظيمة } (1تي 6 : 6) الإنسان الشاكر لله والآخرين يحيا حياة الرضا والسعادة بما لديه فالسعادة ليس بمقدار ما نملك ونستهلك بل السعادة تأتي من القناعة بما بين أيدينا وما في مقدورنا عمله لإدخال البهجة والفرح لحياتنا. وكما يقول أحد القديسين (لا موهبة بلا زيادة الا التي هي بلا شكر). فلنعود أنفسنا يا أحبائي على حياة الشكر لله وكذلك نقدم الشكر لكل من يساهم فى تقديم خدمة لنا ولاحبابنا { فشكرا لله على عطيته التي لا يعبر عنها} (2كو 9 : 15).
فلنشكر صانع الخيرات الرحوم ..
+ ايها الاله الرحوم محب البشر الصالح نشكرك يارب لانك خلقتنا ووهبتنا علم معرفتك ووهبتنا كل مقومات الحياة من شمس وماء وهواء وغذاء وكساء ولم تدعنا معوزين لشئ بل تقودنا كراعي صالح كل الأيام وتعبر بنا تجارب وضيقات الحياة لنتعلم ويشتد عودنا ويتقوى إيماننا ويزداد رجائنا وتنمو محبتنا لك .
+ نشكرك يارب لانك تغفر خطايانا وتعيننا وتحفظنا وتقبلنا اليك كأب صالح وتشفق علينا كالأم الحنون. انت يارب تبحث عن الضال لترده وتعصب الجريح وتُجبر الكسير ولاترفض الراجعين اليك بكل قلوبهم مانحا ايانا سلامك. فكيف نعبر عن محبتنا لك الا بشكرنا لنعمك وتسبيحنا بحمدك وطاعتنا لوصيتك وإعلان محبتك للجميع .
+ ايها الرب الاله الذي قاد الكنيسة عبر تاريخها الطويل، وعبر بها بحار ورياح التجارب والضيقات منتصراً على قوى الشر. نسألك يا ملك السلام ان تقودنا رعاة ورعية هذه الأيام الصعبة وكل أيام حياتنا بكل سلام ونحن نامين فى محبتك و سائرين فى مخافتك. أبطل عنا كل فخاخ ابليس المنصوبة حولنا وبدد مشورة الاشرار وسدد احتياجات رعيتك ايها الراعي الصالح. لنصل بك ومن خلال قيادتك الى ملكوتك السماوي، آمين .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق