نص متحرك

♥†♥انا هو الراعي الصالح و الراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف يو 10 : 11 ♥†♥ فيقيم الخراف عن يمينه و الجداء عن اليسار مت32:25 ♥†♥ فلما خرج يسوع راى جمعا كثيرا فتحنن عليهم اذ كانوا كخراف لا راعي لها فابتدا يعلمهم كثيرا مر 34:6 ♥†♥ و اما الذي يدخل من الباب فهو راعي الخراف يو 2:10 ♥†♥

الخميس، 20 أغسطس 2020

19- القديس بولس الرسول و المحبة رباط الكمال

المحبة أعظم الوصايا..

+ أتي ناموسي يسأل السيد المسيح له المجد: أية وصية هي العظمى في الناموس؟. فماذا كانت الأجابة؟ { «يَا مُعَلِّمُ، أَيَّةُ وَصِيَّةٍ هِيَ الْعُظْمَى فِي النَّامُوسِ؟» فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «تُحِبُّ الرَّبَّ إِلَهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ، وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ، وَمِنْ كُلِّ فِكْرِكَ. هَذِهِ هِيَ الْوَصِيَّةُ الأُولَى وَالْعُظْمَى. وَالثَّانِيَةُ مِثْلُهَا: تُحِبُّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ. بِهَاتَيْنِ الْوَصِيَّتَيْنِ يَتَعَلَّقُ النَّامُوسُ كُلُّهُ وَالأَنْبِيَاءُ».} (مت 36:22-40). هكذا يقدم القديس بولس المحبة كغاية الوصايا أن تكون المحبة من قلب طاهر وضمير صالح وإيمان بلا رياء { واما غاية الوصية فهي المحبة من قلب طاهر وضمير صالح وايمان بلا رياء } (1تي 1 : 5). المحبة الحقيقية، لابد أن تنبع من قلب مقدس يسكن الله فيه، ونية صالحة لا يشوبها أى خبث وإيمان صادق. لهذا يسمي الرسول بولس المحبة برباط الكمال { وعلى جميع هذه البسوا المحبة التي هي رباط الكمال }(كو 3 : 14). المحبة هي تاج الفضائل و رباط الكمال. وبدون المحبة تصير كل الفضائل بلا منفعة فهي فضيلة أم تضم وتحفظ المؤمن من السقوط . الله محبة ومن يثبت فى المحبة يثبت فى الله والله فيه. ان بنائنا الروحى يقوم على المحبة التي شبهها الاباء القديسين بمادة الأساس التى تربط البناء الروحى كله متماسك معا كالمؤنه بالنسبة للحائط تجعله متماسك وحدة واحدة.

+ محبتنا لله هى صدى ورد فعل لمحبة الله لنا { نحن نحبه لانه هو احبنا اولا } (1يو 4 : 19). هذه المحبة تنكسب فى قلوبنا من الروح القدس وتجلت لنا بالفداء الذى قدمة السيد المسيح علي الصليب { وَالرَّجَاءُ لاَ يُخْزِي لأَنَّ مَحَبَّةَ اللهِ قَدِ انْسَكَبَتْ فِي قُلُوبِنَا بِالرُّوحِ الْقُدُسِ الْمُعْطَى لَنَا.لأَنَّ الْمَسِيحَ إِذْ كُنَّا بَعْدُ ضُعَفَاءَ مَاتَ فِي الْوَقْتِ الْمُعَيَّنِ لأَجْلِ الْفُجَّارِ. فَإِنَّهُ بِالْجَهْدِ يَمُوتُ أَحَدٌ لأَجْلِ بَارٍّ. رُبَّمَا لأَجْلِ الصَّالِحِ يَجْسُرُ أَحَدٌ أَيْضاً أَنْ يَمُوتَ. وَلَكِنَّ اللهَ بَيَّنَ مَحَبَّتَهُ لَنَا لأَنَّهُ وَنَحْنُ بَعْدُ خُطَاةٌ مَاتَ الْمَسِيحُ لأَجْلِنَا. فَبِالأَوْلَى كَثِيراً وَنَحْنُ مُتَبَرِّرُونَ الآنَ بِدَمِهِ نَخْلُصُ بِهِ مِنَ الْغَضَبِ.} ( رو 5:5-9). هذه المحبّة التي يسكبها الروح فينا ليست بجديدة بالنسبة لله، فهي في تدبيره الأزلي، لكنه تحققت في الوقت المناسب لخلاصنا، كما يقول القديس بولس { ولكن لما جاء ملء الزمان أرسل الله ابنه مولودًا من امرأة، مولودًا تحت الناموس، ليفتدي الذين تحت الناموس لننال التبنّي} (غل 4: 4-5). لقد قدّم الله هذا الحب من أجلنا، ونحن بعد ضعفاء وخطاه وفجار مغلوبين بالخطيّة ساقطين تحت سلطان الخطية وإبليس فاظهر لنا الله عظمة محبّة لنا، إذ قدّم السيد المسيح من أجلنا ونحن خطاة وضعفاء وفُجّار، فبحسب المنطق البشري بالجهد أو بالكاد يمكن لأحد أن يموت عن بار، وربما يجسر أحد ويخاطر بحياته من أجل صالح، أما أن يموت أحد عن فاجرٍ شريرٍ، فهذا يبدو مستحيلاً. فلم يمت السيد المسيح من أجل صالحين وأبرار، وإنما من أجل الخطاة المقاومين له لكي يعلن لنا محبته ويحررنا ويطهرنا ويقدسنا ويبررنا لكي نحيا فيما بعد لا لأنفسنا بل من أجل الذي مات من أجلنا وقام ليقيمنا من موت الخطية ويحيينا حياة أبدية.

+ يربط القديس بولس الرسل ما بين الإيمان والمحبة والرجاء كسلسلة مترابطة من الفضائل الروحية { نَشْكُرُ اللهَ كُلَّ حِينٍ مِنْ جِهَةِ جَمِيعِكُمْ، ذَاكِرِينَ إِيَّاكُمْ فِي صَلَوَاتِنَا، متذكرين بلا انقطاع عمل ايمانكم وتعب محبتكم وصبر رجائكم ربنا يسوع المسيح امام الله وابينا }(1تس 1 : 2-3). الإيمان العملي يجعل المؤمن يتعب في حب ويصبر في رجاء عالما أن تعبه ليس باطلاً في الرب. يقدم الرسول الشكر لله من أجل الإيمان العامل بالمحبة في رجاء وصبر فالإيمان بكلمة الحق يدفع المؤمن للعمل لحساب الملكوت الأبدي، وينفتح قلب المؤمن بالحب لله والناس، فيشتهي المؤمن لا أن يعمل بل يتعب، مسرعًا بنفسه إلى الصليب عوض الراحة الزمنية، وإذ يفتح قلبه بالحب يرى السماوات كأنها مُعلنه قدامه فيترجي التمتع بأمجادها. فلا يئن من الضيق والتعب، بل يحمل صبر المسيح الذي { من أجل السرور الموضوع أمامه احتمل الصليب مستهينًا بالخزي }(عب ١٢: ٢).  

علاقتنا بالله والغير تبنى على المحبة ..

+ كان القديس بولس قلباً ملتهباً بمحبة الله الذى دعاه بنعمته. وأمام عمل الله العجيب من أجل خلاصنا وبذله حياته عنّا، لم يعرف الرسول أو المؤمن إلا أن يردّ الحب بالحب إذ ينشد لحن المحبة للسيد المسيح { من سيفصلنا عن محبة المسيح اشدة ام ضيق ام اضطهاد ام جوع ام عري ام خطر ام سيف. كما هو مكتوب اننا من اجلك نمات كل النهار قد حسبنا مثل غنم للذبح. ولكننا في هذه جميعها يعظم انتصارنا بالذي أحبنا. فاني متيقن انه لا موت ولا حياة ولا ملائكة ولا رؤساء ولا قوات ولا أمور حاضرة ولا مستقبلة. ولا علو ولا عمق ولا خليقة اخرى تقدر ان تفصلنا عن محبة الله التي في المسيح يسوع ربنا} (رو 35:8-39). هذه المحبة الباذلة تجعلنا نهتف مع القديس بولس الرسول بهذه التسبحة الرائعة التي تلهب قلوبنا لنتحد بالمسيح المحب في الأمة ونقدّم حياتنا ذبيحة حب لذاك الذبيح الذي سبق فبادر بالحب مقدمًا حياته مبذولة عنّا. فلم تعد الآلام والضيقات تتعب المؤمن، بل علّة الدخول في موكب الغلبة والنصرة تحت قيادة المسيح يسوع المتألم والمصلوب والقائم غالب ولكي يغلب بنا أيضاً فيعظم انتصارنا بمن أحبنا. كما قدم القديس بولس حياته قربانا لله الذى أحبه ومنذ أن تقابل مع الرب فى الطريق الى دمشق والى ان قدم دمه الطاهر شهادة لإيمانه، كانت حياته صلاة وحب لله كما يجاهد الجهاد الحسن لنشر الإيمان ولبناء كنيسة الله.

 + ان علاقتنا بالله وعبادتنا له تُبنى على المحبة لله وكل فضيلة خالية من المحبة لا تعتبر فضيلة فنحن نصلى لله ونعبده بالمحبة فى بذل باستمرار ، ونحن نحب الغير حبا فى الله ومن اجل عمل مرضاته من أجل ذلك قال القديس الانبا انطونيوس لتلاميذه : يا أبنائي أنا لا أخاف الله ! فقالوا له كيف يا ابانا ؟ قال لهم لأني أحبه والمحبة تطرد الخوف الى خارج. ان المسيحية ليست وصايا او حلال وحرام بقدر ما هي محبة لله. نحب الله فنطيعه ونثبت فيه وتثمر بالمحبة ثمر الصلاح . الخطية هي انفصال عن الله. لهذا لا يسمح المؤمن بوجود محبة تتعارض مع محبة الله فى قلبه لأنها تمثل خيانة لله الذي أحبنا فلا تجعلوا أي شيء يفصلنا عن محبة الله فى المسيح يسوع. إن محبة الله الغافرة وابوه الله الفائقة للمؤمنين ورعايته الدائمة لنا تجعلنا نبادله المحبة

{ واسلكوا في المحبة كما احبنا المسيح ايضا واسلم نفسه لاجلنا قربانا وذبيحة لله رائحة طيبة } (أف 5 : 2). فلا تكون لنا مشاعر المحبة فقط بل تتحول إلى سلوك عملى فى محبتنا لله ولبعضنا لبعض، محبة باذلة كما بذل المسيح نفسه لأجلنا طاعة لله الآب. فنحن من أجل محبتنا لله نضحى بحياتنا فى خدمته وخدمة الآخرين معتبرين حياتنا أقل شئ نقدمه لله كذبيحة حب من أجل محبته الفائقة لنا، فتصعد حياتنا كرائحة طيبة أمامه ويفرح بها.

+ المحبة المسيحية هى محبة شاملة للجميع من كل دين ولون ولسان وأمة. وعندما نادى السيد المسيح {تحب قريبك كنفسك } أعطى مثل السامري الرحيم (لو 30:10-37). ليبيين من هو قريبنا، انه كل انسان لاسيما المتألم والمحتاج والفقير . نحب الكل ونقبلهم ونتعاون معهم في بذل وعطاء وتضحية، بهذه المحبة نخرج من الانانية والتعصب الدينى او العائلي او العرقي ونري خير الغير خيراً لنا ونريد ان نقدم المحبة الطاهرة الروحية للجميع فى إنكار للذات وترفع عن الصغائر فلا نفشل أمام ضعفات صغار النفوس { لأن الله لم يعطنا روح الفشل بل روح القوة والمحبة والنصح} (2تي 1 : 7). المحبة الحقيقية هى محبة مقدسة لا تخرج عن دائرة الحق والخير والبر والا تحولت الي شهوة ومحبة ضارة { فانكم انما دعيتم للحرية ايها الاخوة غير انه لا تصيروا الحرية فرصة للجسد بل بالمحبة اخدموا بعضكم بعضا }(غل  5 :  13).لتكن محبتكم روحية مقدسة وبدون مقابل وتهدف الى خلاص الغير وبنيان نفوسهم .

+ المحبة المسيحية تمتد حتى إلي محبة الأعداء والصلاة من أجل المسيئين وعمل الخير معهم كقول الرب { اما انا فاقول لكم احبوا اعداءكم باركوا لاعنيكم احسنوا الى مبغضيكم و صلوا لاجل الذين يسيئون اليكم ويطردونكم }(مت 5 : 44). وكما يقول القديس بولس { إِنْ كَانَ مُمْكِناً فَحَسَبَ طَاقَتِكُمْ سَالِمُوا جَمِيعَ النَّاسِ. لاَ تَنْتَقِمُوا لأَنْفُسِكُمْ أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ بَلْ أَعْطُوا مَكَاناً لِلْغَضَبِ لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: «لِيَ النَّقْمَةُ أَنَا أُجَازِي يَقُولُ الرَّبُّ. فَإِنْ جَاعَ عَدُوُّكَ فَأَطْعِمْهُ. وَإِنْ عَطِشَ فَاسْقِهِ. لأَنَّكَ إِنْ فَعَلْتَ هَذَا تَجْمَعْ جَمْرَ نَارٍ عَلَى رَأْسِهِ».لاَ يَغْلِبَنَّكَ الشَّرُّ بَلِ اغْلِبِ الشَّرَّ بِالْخَيْرِ} ( رو 18:12-21). نحن نسعى لصنع السلام والصلح مع الجميع بقلب صافى في إيجابية وبروح المبادرة لكن قد يوجد أناس يرفضون صنع السلام معنا بلا سبب وهنا نكون أبرياء من هذا الخصام الذي هو من جهتهم فقط، أما قلوبنا فستظل منفتحة بالمحبة والقبول للجميع. ونصلي ليهبنا الله السلام وهو يجازى كل واحد كعمله ونترك الله الأب الحكيم ليؤدب ويعلم أولاده الصلاح، أما نحن نصلى لأجل الذين يسيئون إلينا ونقدم لهم الخير وقت احتياجهم وبذلك سيضطرون إلى الخجل من نفوسهم، و يراجعوا ضمائرهم ويتوبوا، وكأننا بالمحبة نضع ناراً تحرق فى الأفكار الخاطئة لديهم من نحونا، تلك هى وسيلة الغلبة على الشر، ليس بالرد عليه بالشر بل بصنع الخير. فالمتكبر نغلبه باتضاعنا، والغضوب بكلامنا اللين، والسارق باحتوائنا له. محبتنا العملية لله تظهر في محبتنا للغير { لا تكونوا مديونين لأحد بشيء إلا بأن يحب بعضكم بعضا لأن من أحب غيره فقد أكمل الناموس. لانه لا تزن لا تقتل لا تسرق لا تشهد بالزور لا تشته وإن كانت وصية اخرى هي مجموعة في هذه الكلمة ان تحب قريبك كنفسك. المحبة لا تصنع شرا للقريب فالمحبة هي تكميل الناموس} ( رو 13: 8-10). المحبة الباذلة للغير تنمو كلما نمونا فى محبة الله نأخذ منه ونفيض على الجميع ، علينا أن ننمو في المحبة  والنعمة على الدوام { وهذا اصليه ان تزداد محبتكم ايضا اكثر فأكثر في المعرفة وفي كل فهم} (في 1: 9)، أمين 

ليست هناك تعليقات: