للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى
السيد المسيح رجاء وخلاص كل أحد ...
+ قبل ان يأتي السيد المسيح ويحلّ بيننا على الأرض كانت أنظار البشرية تتطلّع إلى مجيئه وخلاصة فهو المخلّص الموعود به لسحق رأس الحيّة (تك 15:3). وترجى إشعياء النبي مجيئه فقال اشعياء النبي { ليتك تشق السماوات وتنزل } (اش 64 : 1). ثم تنبأ عن مولده من العذراء {ولكن يعطيكم السيد نفسه آية ها العذراء تحبل وتلد ابنا وتدعو اسمه عمانوئيل}( إش 14:7). وتنبأ عنه أرميا النبي { لاني عرفت الأفكار التي أنا مفتكر بها عنكم يقول الرب أفكار سلام لا شر لاعطيكم آخرة ورجاء }(ار 29 : 11). وعندما ولد السيد المسيح تهللت الملائكة وأعلنت الملائكة تحقيق بشرى الخلاص للرعاة { وإذا ملاك الرب وقف بهم ومجد الرب أضاء حولهم فخافوا خوفا عظيما. فقال لهم الملاك لا تخافوا فها أنا أبشركم بفرح عظيم يكون لجميع الشعب. انه ولد لكم اليوم في مدينة داود مخلص هو المسيح الرب} (لو 9:2-11). وتمت بولادته نبوة إشعياء النبي القائل { هوذا فتاي الذي اخترته حبيبي الذي سرت به نفسي أضع روحي عليه فيخبر الأمم بالحق.لا يخاصم ولا يصيح ولا يسمع أحد في الشوارع صوته. قصبة مرضوضة لا يقصف وفتيلة مدخنة لا يطفئ حتى يخرج الحق الى النصرة. وعلى اسمه يكون رجاء الأمم.} (مت 18:12-21) .
+ جال السيد المسيح يصنع خيرا ويُعلِّم الشعب ويعلن اقتراب ملكوت الله وبعدما أكمل السيد المسيح خدمته الجهارية فى العالم بسط ذراعيه على عود الصليب ليجذب اليه الكل، الامم واليهود، من كل أنحاء الارض كما قال { وانا ان ارتفعت عن الارض اجذب اليٌ الجميع} (يو 32:12). وقال المخلص يطمئننا ويهب الرجاء للجميع {لان ابن الانسان قد جاء لكي يطلب ويخلص ما قد هلك} (لو 19 : 10) فمن يؤمن به ويتكل عليه لا يخزى لذلك يقول القديس بولس { فاذ قد تبررنا بالإيمان لنا سلام مع الله بربنا يسوع المسيح. الذي به ايضا قد صار لنا الدخول بالايمان الى هذه النعمة التي نحن فيها مقيمون ونفتخر على رجاء مجد الله. وليس ذلك فقط بل نفتخر ايضا في الضيقات عالمين ان الضيق ينشئ صبرا. والصبر تزكية والتزكية رجاء. والرجاء لا يخزي لان محبة الله قد انسكبت في قلوبنا بالروح القدس المعطى لنا} ( رو 1:5-5). عندما نحيا إيماننا الأقدس لا يعد للخطية ولا الزمن ولا ضيقات سلطان علينا ويغفر الله بالتوبة خطايا الماضي ويهبنا نعمة للسير معه فى الحاضر ويقودنا فى المستقبل. فندخل بالإيمان إلى برّ المسيح، أن أحداث الفداء التي عبرت كتاريخٍ لا تزال حيّة وفعُالة ونتائجها قائمة فى كل زمان لخلاصنا ويصير الحاضر بالنسبة لنا مفرحًا إذ نسلك بالنعمة الإلهية متمتّعين بالسلام مع الله، ويمتد رجائنا في المستقبل للحياة مع الله في المجد. هكذا نحيا في فرح بمحبة الله في المسيح يسوع، الذي يقودنا في موكب نصرته في الحاضر لنمسك بالرجاء في الحياة الأبدية التي اليها دعينا. الإيمان بالمصلوب يفتح لنا طاقات الرجاء المتجدد بالنعمة التي نحن فيها مقيمون، نعمة البنوّة وغني ميراث القديسين بكوننا { ورثة الله، و وارثون مع المسيح }(رو 8: 17).
+ السيد المسيح رجاء الخطاة .... السيد المسيح يعطي الخطاة رجاء ويقبلهم بالتوبة ويحررهم ويغيرهم ويطهرهم ويحولهم الي قديسين، وهو الذي يدافع عن المظلومين والمضطهدين وهكذا فعل مع القديس بولس الرسول الذى الذي كان يضطهد الكنيسة فظهر له في الطريق الي دمشق وجذبه الى الإيمان وحوّله الى مبشِّر { صادقة هي الكلمة ومستحقة كل قبول ان المسيح يسوع جاء الى العالم ليخلص الخطاة الذين اولهم انا } (1تي 1 :15). أن المسيح رجاء الخطاة والبعيدين الذين نظنهم قد هلكوا { لأن كل من يدعو باسم الرب يخلص} (رو 10 : 13) ودم المسيح كفارة ليس لخطايانا بل لخطايا كل العالم { هو كفارة لخطايانا ليس لخطايانا فقط بل لخطايا كل العالم ايضا } (1يو 2 : 2)
+ السيد المسيح رجاء وعزاء المحزونين .. لقد تحنّن السيد المسيح على الارملة بنايين ولمس النعش وأقام الميت ودفعه الي أمه وحول حزنها الي فرح وهو القادر أن يحول حزننا الي فرح قلب ولهذا يقول الرسول بولس { لأن كل ما سبق فكتب كتب لاجل تعليمنا حتى بالصبر والتعزية بما في الكتب يكون لنا رجاء} (رو 15 : 4). والله يعزينا في كل ضيقة لنعزي الذين في كل ضيقة بالتعزية التي ننالها من الله { الذي يعزينا في كل ضيقتنا حتى نستطيع ان نعزي الذين هم في كل ضيقة بالتعزية التي نتعزى نحن بها من الله} (2 كو 1 : 4). فيفيض قلب الرسول بولس بالشكر الدائم للَّه واهب التعزيات وسط الضيقات. ويشير الرسول بولس في هذه الرسالة إلى تعزيات اللَّه الفائقة في كل الظروف. فيتحدث عن تعزية اللَّه للمتألمين ظلمًا من أجل إيمانهم بالسيد المسيح، وعن تعزيته للخطاة الراجعين إلى اللَّه بالتوبة ليتمتعوا بالشركة معه. وعلينا أن ندرك كسفراء للمسيح أننا نافعون للآخرين حتى في وسط آلامنا، فلا يقف الأمر عند تمتعنا بالتعزيات بل نفيض بها على إخوتنا المتألمين مثلنا { ليعطكم إله الصبر والتعزية أن تهتموا اهتماما واحدا فيما بينكم بحسب المسيح يسوع} (رو 15 : 5). فقد وهب لنا لاجل المسيح لا أن نؤمن فقط بل نتألم ايضاً { لانه قد وهب لكم لاجل المسيح لا ان تؤمنوا به فقط بل ايضا ان تتألموا لاجله} (في 1 : 29) { فرجاؤنا من اجلكم ثابت عالمين أنكم كما أنتم شركاء في الالام كذلك في التعزية ايضا} (2كو 1 : 7)
+ السيد المسيح رجاء البعيدين والأمم .. السيد المسيح جاء رجاء للأمم في الخلاص وهو الذى شفى ابنة المرأة الكنعانية ومدح إيمانها وشفى غلام قائد المئة اليوناني مادحا ثقته وإيمانه به ودعا تلاميذه بالكرازة بالإنجيل للخليقة كلها. وكما قالت النبؤة عن الرب يسوع المسيح { وعلى اسمه يكون رجاء الأمم }(مت 12 : 21). ولقد دعا القديس بولس الرسول ليكون رسولاً للأمم { لأَنْ هَكَذَا أَوْصَانَا الرَّبُّ: قَدْ أَقَمْتُكَ نُوراً لِلأُمَمِ لِتَكُونَ أَنْتَ خَلاَصاً إِلَى أَقْصَى الأَرْضِ». فَلَمَّا سَمِعَ الأُمَمُ ذَلِكَ كَانُوا يَفْرَحُونَ وَيُمَجِّدُونَ كَلِمَةَ الرَّبِّ وَآمَنَ جَمِيعُ الَّذِينَ كَانُوا مُعَيَّنِينَ لِلْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ} ( أع 47:13-48) وقد أخذ القديس بولس يمين الشركة من أعمدة الكنيسة ليكون رسول للأمم { فاذ علم بالنعمة المعطاة لي يعقوب وصفا ويوحنا المعتبرون انهم اعمدة اعطوني وبرنابا يمين الشركة لنكون نحن للامم واما هم فللختان }(غل 2 : 9). جال القديس بولس ليشهد لبشارة الإنجيل في جميع الأمم { لتفتح عيونهم كي يرجعوا من ظلمات الى نور ومن سلطان الشيطان الى الله حتى ينالوا بالايمان بي غفران الخطايا ونصيبا مع المقدسين}(اع 26 : 18)
+ السيد المسيح رجائنا الابديّ.. حياتنا الأرضية مهما طالت ما هي الا بخار ماء يظهر قليلاُ ثم يضمحل إذا قيست بالأبدية. المؤمنين عندهم رجاء في الحياة الأخرى، في العالم الآخر وفي تحقيق وعد الرب من حيث ما لم تره عين ومالم تسمع به أذن ولم يخطر على بال إنسان. وسيأتي السيد المسيح كما انطلق إلى السماء فى صعوده ليأخذ قديسيه معه للسماء ونحن فى كل مرة نصلّي قانون الإيمان نعلن رجاءنا قيامة الأموات وحياة الدهر الآتي. إن هذا الرجاء فى الحياة الأبدية هو تعزية المؤمنين وفرحهم في ظروف الحياة الصعبة كما يقول الرسول {فرحين في الرجاء صابرين في الضيق}(رو12:12)، وأيضاً {فلا تطرحوا ثقتكم التي لها مجازاة عظيمة لأنكم تحتاجون إلى الصبر حتى إذا صنعتم مشيئة الله تنالون الموعد. لأنه بعد قليل جداً سيأتي الآتي ولا يبطئ} (عب 35:10-37). إن مجيء المسيح الثاني هو الرجاء الموضوع أمامنا، ويجب أن يكون نصب عيوننا المسيح ورجاء الحياة معه. إن الرجاء المسيحي ليس هو أن يأتي المسيح ويأخذ المؤمن إليه عند موته إنما رجاؤنا هو شخص الرب نفسه ليحلّ فى قلوبنا ويتمجد بنا وفينا سواء بحياة او انتقال.
كيف نقوى رجاءنا في الله ؟
+ القراءة فى الكتاب المقدس بروح الصلاة والتعلم من سير القديسين تجعلنا نستنير ونستمد من الله قوة الرجاء بمعرفتنا لصفات الله ووعوده الأمينة ومعاملاته مع قديسيه ونثق فى الله العامل في الأحداث والتاريخ من أجل خلاصنا { لأن كل ما سبق فكتب كتب لاجل تعليمنا حتى بالصبر والتعزية بما في الكتب يكون لنا رجاء }(رو 15 : 4). القراءة فى سير رجال الله ترينا كيف قاد الله شعبه وقديسيه فى موكب نصرته عبر التاريخ ونعرف حكمة وقصد الله ونكون منتظرين الرجاء المبارك وظهور مجد الله العظيم { منتظرين الرجاء المبارك وظهور مجد الله العظيم ومخلصنا يسوع المسيح }(تي 2 : 13). علي رجاء نحيا كما يليق بأبناء الله القديسين شاكرين في كل حين على الفداء الذي تممه الرب يسوع على الصليب، وننتظر مجيئه الثاني في رجاء اللقاء والبقاء معه كل حين.
+ الإيمان الصبر والثبات.. بالإيمان يتقوى رجائنا فيقول المؤمن {استطيع كل شيء في المسيح الذي يقويني }(في 4 : 13) بايماننا نغلب الشر والشيطان وتقوى فى الضعف والإيمان يعطينا صبر وثبات في المسيح. أن الاكاليل لا توضع إلا على رؤوس المنتصرين ولكي ننتصر يجب ان ندخل الحروب الروحية ونتعلّم ونتقوّى { وأما نحن الذين من نهار فلنصح لابسين درع الإيمان والمحبة وخوذة هي رجاء الخلاص} (1تس 5 : 8). { الضيق ينشئ صبرا والصبر تزكية والتزكية رجاء والرجاء لا يخزى } (رو 3:5-5 ). نستمر فى الجهاد الموضوع أمامنا وبالرجاء ننظر الي رئيس الايمان ومكمله الرب يسوع { لأننا لهذا نتعب ونعير لأننا قد ألقينا رجاءنا على الله الحي الذي هو مخلص جميع الناس ولا سيما المؤمنين }(1تي 4 : 10).
+ التطلع برجاء الى الحياة الابدية ... حتى عندما يفتقدنا الله أو يسمح بتجارب أو ضيقات أو أنتقال أحباء لنا لان هدفنا أن نكون مع الله كل حين { ثم لا اريد ان تجهلوا ايها الاخوة من جهة الراقدين لكي لا تحزنوا كالباقين الذين لا رجاء لهم }(1 تس 4 : 13). بل نثق ان هذا هو تحقيق لرجائنا الابدى أن نستوطن عند الرب. أن سرّ عدم استسلامنا للحزن فهو رجاؤنا الذي يتخطى حدود هذه الحياة الزمنية ليرى المؤمن الأبدية معلنة في داخله { لأنه إن كنا نؤمن أن يسوع مات وقام، فكذلك الراقدون بيسوع سيحضرهم الله أيضًا معه} (1تس 14:4). يسمي الرسول الأموات بالراقدين بيسوع، فاذ نحمل السيد في داخلنا، لهذا لا يقوى الموت علينا. ففي داخلنا اله القيامة ذاته وإن ماتنا حسب الجسد لكنهم نقوم بالمسيح الساكن فينا، القيامة ليست بغريبةٍ عنا ولا بعيدة وإنما في داخلنا، إن كنا نؤمن بالمسيح فلنؤمن بكلماته ومواعيده ولنأتِ إليه بثقة أكيدة وفرح هذا الذي به نغلب ونملك إلى الأبد.
ثمار الرجاء في حياتنا ....
+ الرجاء يهب قوة وإيجابية
وقداسة ... الذى يحيا فى الرجاء يقول مع
القديس بولس الرسول { أستطيع كل شيء في المسيح الذي يقويني (في 4 : 13). الرجاء
يجعلنا ايجابيين فى الحياة نثق ان بعد ظلمة الفجر الحالكة لابد من أن يشرق لنا شمس
البر والشفاء والخلاص في أجنحتها. وبالرجاء الصالح، نستعد بالقداسة والتقوى لملاقاة
الله ونثق ان الله يعمل فى الوقت المناسب بالطريقة المناسبة معنا {اذاً يا أخوتي
الأحباء كونوا راسخين غير متزعزعين، مُكثرين في عمل الرب كل حين، عالمين أن تعبكم
ليس باطلاً في الرب} (1تس 3:1.) نعمل ان نكون سواء كنا مستوطنون في الجسد أو متغربين
عنه أن نكون مرضيين عنده. حياتنا فترة غربة قصيرة وسننطلق للحياة الأبدية {وربنا
نفسه يسوع المسيح والله أبونا الذي احبنا واعطانا عزاء ابديا ورجاء صالحا بالنعمة
}(2تس 2 : 16).
+ الفرح في كل الظروف .. اذ نضع المسيح نصب عيوننا ويحلّ بالإيمان فينا فان الضيقات تختفي والاتعاب تزول ويثمر الرجاء فينا بالفرح { فرحين في الرجاء صابرين في الضيق مواظبين على الصلاة } (رو 12 : 12). الروح القدس يعطي فرح وتعزية للمؤمنين {وليملاكم اله الرجاء كل سرور وسلام في الإيمان لتزدادوا في الرجاء بقوة الروح القدس }(رو 15 : 13). فمن يتطلع إلى الله والسماء ، لابد أن يمتلئ قلبه بالتعزية والفرح وسط هموم الحياة، ويشتاق إلى ذلك العريس السماوي {لان خفة ضيقتنا الوقتية تنشئ لنا اكثر فاكثر ثقل مجد ابديا} (2كو 4 : 17). { لنتمسك بإقرار الرجاء راسخا لان الذي وعد هو أمين }(عب 10 : 23). فلنتمسك إذا بالرجاء وليكن لنا إيمان ومحبة ورجاء راسخ فى الله
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق