نص متحرك

♥†♥انا هو الراعي الصالح و الراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف يو 10 : 11 ♥†♥ فيقيم الخراف عن يمينه و الجداء عن اليسار مت32:25 ♥†♥ فلما خرج يسوع راى جمعا كثيرا فتحنن عليهم اذ كانوا كخراف لا راعي لها فابتدا يعلمهم كثيرا مر 34:6 ♥†♥ و اما الذي يدخل من الباب فهو راعي الخراف يو 2:10 ♥†♥

الأحد، 16 أغسطس 2020

16- القديس بولس الرسول و الأبوة الروحية


الأبوة والتلمذة في حياة الأنبياء والرسل ..

+ كانت علاقة السيد المسيح مع تلاميذه هي علاقة محبة وبذل وتعليم صبور للغاية جعلت التلاميذ والرسل القديسين يؤمنوا ويحيوا حقيقة العلاقة مع الله الآب ومذاقة الملكوت من خلال التلمذة والتعليم بكل الطرق التعليمية المتاحة أمام الرب فآمنوا برسالته بأنهم أبناء الله والملكوت { لِكَيْ تَكُونُوا أَبْنَاءَ أَبِيكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ} (متى 5: 45). ومن خلال حياة الشركة مع المخلص والراعي والمعلم تسلموا وديعة الايمان وهم أيضا تلمذوا وعلموا الكثيرين { فاذهبوا وتلمذوا جميع الامم وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس} (مت 28 : 19). وعلي نفس النهج سار القديس بولس فيقول لتلميذه تيموثاوس يعلم ويتلمذ { وما سمعته مني بشهود كثيرين أودعه أناسا أمناء يكونون اكفاء ان يعلموا اخرين ايضا }(2تي 2 : 2).  إلى أن نصل إلى التقاليد الرهبانية التي رأت في الأب الروحي إنه المربي والأب الذي يتلمذ ويسلم وديعة الإيمان لتلاميذه. فكل أبوة روحية أو جسدية تستمد مصدرها من الله الآب ذاته، وتهدف إلى أن تصل بالمؤمن إلى اكتشاف كونه ابنًا محبوبًا مختارًا من الله، كما فعل المعمدان الذي قاد التلاميذ إلى المسيح ثم خرج من المشهد، حتى تنمو علاقة المؤمنين بالمسيح. فجوهر الأبوة الروحية هي أن نصل بالأبناء الي محبة الله والسماء. ويؤكد بولس الرسول في رسائله المختلفة على جوهر الأبوة الروحية هذا والتي استمدها بدوره من حنانيا الذي اهتم به وعَمَده بعد أن ظهر له يسوع في طريق دمشق. كما إنه احتاج أن يرافقه بربانا في مسيرة إيمانه دافعًا إياه رويدًا داخل الجماعة المسيحية الناشئة في أورشليم (أع 9: 26- 30؛ 11: 22- 30)، ثم دعمه في رحلته التبشيرية الأولى ( أع 13: 1- 15. 40). حتى استطاع هو أن يتلمذ غيره علي الإيمان المسلم له من السيد المسيح والآباء القديسين.

+ تحتل الأبوة الروحية مكانة مميزة في حياتنا ولاسيما في حياة كنيستنا ومؤمنيها وفي حياة الآباء الرهبان سواء في الشرق والغرب على حد سواء، ومنذ القرون الأولى ظهرت أشكال من الأبوة الروحية ونجد الكتاب المقدس سندا قويا لها. ويؤكد يوحنا كاسيان الذى تتلمذ علي آباء البرية بمصر في نهاية القرن الرابع ونقلها للغرب على هذه الأبوة بقوله : " ليس هناك طريقًا للخلاص أكتر أمانًا مِن كشف الأفكار الشخصية للآباء ومعرفة قانون الفضائل الذي أتبعه أولئك الآباء في حياتهم النسكية. هذا النهج يذكره الكتاب المقدس في مواضع كثيرة، وبصفة خاصة ما نجده في حياة صموئيل النبي. فقد دعاه الرب مرتين، وفي كل مرة كان يلجأ إلى عالى الكاهن، مُتبعًا تعاليمه ونصائحه ليعرف كيفَ يُجيب الرب". كما أنه من خلال علاقة موسى ويشوع نكتشف علاقة التصحيح الأبوي بين الأب الروحي وتلميذه، فعندما اعتراض يشوع على حلول نعمة النبوة على ألدادَ وميدادَ اللذان بقيا، من السبعين شيخًا، في خيمة المحلة وتنبأ. طلب يشوع من موسى ردعهما. كان رد موسى على تهور تلميذه: { فَقَال يَشُوعُ بْنُ نُونَ خَادِمُ مُوسَى: «يَا سَيِّدِي مُوسَى ارْدَعْهُمَا!» فَقَال لهُ مُوسَى: «هَل تَغَارُ أَنْتَ لِي؟ يَا ليْتَ كُل شَعْبِ الرَّبِّ كَانُوا أَنْبِيَاءَ إِذَا جَعَل الرَّبُّ رُوحَهُ عَليْهِمْ.} ( عدد 28:11-29). نري هنا بوضوح كيف يقوم الأب الروحي بتصحيح ردود فعل تلميذه، مُظهرًا له أولوية إرادة الله، طالبًا منه أن تكون حياته ورسالته في ضوء محبة الله ورحمته في رعايته لأفراد شعبه. وفي علاقة إيليا النبى بتلميذه اليشع نرى مدى التأثير الروحي للأب الروحي بتلميذه في العهد القديم .

   يهاجم البعض الأبوة الروحية ويتخذوا دون فهم روحي من قول الرب في إنجيل القديس متي لا تدعوا لكم اباً علي الارض سند وحجة لهم {عَلَى كُرْسِيِّ مُوسَى جَلَسَ الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ، فَكُلُّ مَا قَالُوا لَكُمْ أَنْ تَحْفَظُوهُ فَاحْفَظُوهُ وَافْعَلُوهُ، وَلَكِنْ حَسَبَ أَعْمَالِهِمْ لاَ تَعْمَلُوا، لأَنَّهُمْ يَقُولُونَ وَلاَ يَفْعَلُونَ. فَإِنَّهُمْ يَحْزِمُونَ أَحْمَالاً ثَقِيلَةً عَسِرَةَ الْحَمْلِ وَيَضَعُونَهَا عَلَى أَكْتَافِ النَّاسِ، وَهُمْ لاَ يُرِيدُونَ أَنْ يُحَرِّكُوهَا بِإِصْبِعِهِمْ، وَكُلَّ أَعْمَالِهِمْ يَعْمَلُونَهَا لِكَيْ تَنْظُرَهُمُ النَّاسُ: فَيُعَرِّضُونَ عَصَائِبَهُمْ وَيُعَظِّمُونَ أَهْدَابَ ثِيَابِهِمْ، وَيُحِبُّونَ الْمُتَّكَأَ الأَوَّلَ فِي الْوَلاَئِمِ، وَالْمَجَالِسَ الأُولَى فِي الْمَجَامِعِ، وَالتَّحِيَّاتِ فِي الأَسْوَاقِ، وَأَنْ يَدْعُوَهُمُ النَّاسُ: سَيِّدِي سَيِّدِي! وَأَمَّا أَنْتُمْ فَلاَ تُدْعَوْا سَيِّدِي، لأَنَّ مُعَلِّمَكُمْ وَاحِدٌ الْمَسِيحُ، وَأَنْتُمْ جَمِيعاً إِخْوَةٌ. وَلاَ تَدْعُوا لَكُمْ أَباً عَلَى الأَرْضِ، لأَنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ. وَلاَ تُدْعَوْا مُعَلِّمِينَ، لأَنَّ مُعَلِّمَكُمْ وَاحِدٌ الْمَسِيحُ.} ( مت 2:23-9). فهل حقا يريد السيِّد المسيح منّا إلغاء الألقاب "سيِّدي وأبي ومعلّمي". السيِّد المسيح إذ نزل إلينا على أرضنا حاملاً طبيعتنا، يريد أن يفتح بصيرتنا نحو السماء، وتصير علاقتنا روحية فلا نعرف لنا آباء أو معلّمين أرضيِّين جسديّين خارج المسيح، إنّما نعرفهم ونقدرهم فيه. كما يقول الرسول { لأنه وإن كان لكم ربوات من المرشدين في المسيح لكن ليس آباء كثيرين، لأني أنا ولدتكم في المسيح بالإنجيل} (1 كو 4: 15). إنه يعتزّ بأبوَّته لهم، لأنها "في المسيح بالإنجيل". مرّة أخرى لا يُحسب الرسول كاسرًا للوصيّة الإلهيّة حينما يعتزّ بدعوة أنسيموس ابنًا روحيًا له { أطلب إليك لأجل ابني انسيموس الذي ولدته في قيودي... الذي هو أحشائي} (فل 10، 12). ويدعو القدّيس يوحنا شعبه "يا أولادي" (1 يو 2: 1؛ 3 يو 4). فخارج المسيح يفقد الكاهن أبوّته الروحيّة، وتصير دعوته أبًا اغتصاب، أمّا في المسيح فيحمل أبوة الله لأولاده، مختفيًا وراء الله نفسه، فيقدّم لهم ما هو لله لا ما هو لذاته. وتحذير الرب {لا تدعوا معلّمين لأن معلّمكم واحد المسيح} لا يفهم حرفيًا، وإنما لكي لا نقبل من إنسانٍ تعليمه الذاتي، فلا ندعوه معلّمًا مباشرًا لنا، وإنما نقبله فقط متى علمنا تعليم المسيح الحق، فلا يُعلّم من عنديَّاته بل يُعلن كلمة السيد المسيح وإنجيله. لهذا يقول السيِّد الرب لتلاميذه { فاذهبوا وتلمذوا جميع الأمم... وعلِّموهم أن يحفظوا جميع ما أوصيتكم به، وها أنا معكم كل الأيام إلى انقضاء الدهر}(مت 28: 20). أعطاهم حق التعليم بقوله "علّموهم" فيُدعون معلّمين لكن لا يعلِّمون خارج المسيح بل "جميع ما أوصيتكم به"، خلال حلوله فيهم "ها أنا معكم". إنهم معلّمون حقيقيُّون ماداموا يعملون لحساب السيِّد وباسمه، وليس لحسابهم الخاص أو من تعليمهم الخاص. ويؤكّد الرسل وجود معلّمين في الكنيسة ماداموا مختفين في الرب. يقول الرسول: "أما المعلم ففي التعليم" (رو 12: 7)، ويلقب القديس بولس نفسه معلّمًا {الذي جُعلت أنا له كارزًا ورسولاً ومعلّما للأمم} (2 تي 1: 11).هكذا أيضًا بالنسبة لدعوة الآخرين "سيِّدي"، فمن جهة وجود فوارق طبقية قديما فإن الرسل وضعوا بروح الإنجيل وبوحي الروح القدس وصايا للسادة والعبيد لا لتأكيد الفوارق وإنما للشهادة للحق، وإعلان روح الأخوة عند السادة نحو العبيد وروح الطاعة لدى العبيد نحو سادتهم لكن في الرب. وفي هذا كلّه يتصرَّف الجميع خلال منظار السيِّد المسيح (أف 6: 5-9، كو 3: 22، 1 بط 2: 18). خلال هذا الروح تمكنت المسيحية من تحطِّم الرقيق وتقبّل الناس بعضهم البعض كإخوة، وأعضاء بعضهم البعض. أمّا بالنسبة للقادة الروحيّين فقد أراد السيِّد المسيح ألا يعطي لهم سلطان على الشعب إلا في الرب بالروح القدس. فالرسول بولس إذ يكتب إلى القدّيس فليمون يقول له بسلطان في الرب { وإن كان لي بالمسيح ثقة كثيرة أن آمرك بما يليق، من أجل المحبّة أطلب.. حتى لا أقول أنك مديون لي بنفسك أيضًا} (فل 8-9، 19). يطلب من تلميذه من خلال المحبّة. ولم يتحرَّج الرسولان بولس وسيلا حين قال سجّان فيلبي لهما: { يا سيّديَّ ماذا ينبغي أن أفعل لكي أخلص؟} (أع 16: 30)، إذ لم يكن هذا اللقب تملقًا. إنّما إدراكًا لسلطانهما في الرب. أمّا الرسولان فلم يهتمّا باللقب، وإنما بخلاص الرجل وأهل بيته. في اختصار نقول أن السيِّد المسيح لم يقصد إلغاء الألقاب بمفهوم حرفي قاتل، لكنّه أراد أن نلتقي بالقادة الروحيّين خلاله شخصيًا، نقبلهم فيه كروحيّين سمائيّين، ولا نرتبط بهم خلال التملق والمجاملات غير النافعة بل تضر  وتنفخ لذلك قال الرب { وأكبركم يكون خادمًا لكم، فمن يرفع نفسه يتّضع ومن يضع نفسه يرتفع} (مت 11:23-12). الخطورة أن يسعى القادة إلى العظمة عِوض الخدمة، يرتفعون بأنفسهم ليسقطوا، أمّا القائد المتّواضع فإن الألقاب لا تزيده إلا شعورًا بالانسحاق وإحساسًا بالمسئوليّة واتّساعًا لقلبه لخدمة الجميع من أجل الرب لا الناس. ولهذا يقول القديس بولس لتلميذه تيموثاوس الأسقف {لا تزجر شيخًا، بل عظه كأب} (1تى 5: 1). إن وصية المسيح، لو فهمت على حرفيتها، لكانت نتيجتها إلغاء الأبوة الجسدية أيضًا، لأنها أبوة على الأرض. وإلا ما كان الرسول يقول: {أيها الأولاد أطيعوا والديكم في الرب، لأن هذا حق. أكرم أباك وأمك، التي هي أول وصية بوعد} (أف 6: 1، 2). فإن كنا نحترم الأبوة الجسدية، فكم بالأولى الروحية؟ السيد المسيح أراد أن يلغي سلطة القادة والكتبة والفريسيون المراؤون فهي بصدد إلغاء القيادات الدينية التي كانت مسيطرة على المجتمع وقتذاك، حتى لا تصبح جماعة المؤمنين خاضعة لأبوتها ولا لسيادتها ولا لتعليمها وذلك لينشئ أبوة وتعليم روحي ينطلق من أبوة الله للمؤمنين ومحبته وسعيه لخلاصهم 

ليست هناك تعليقات: