للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى
أهمية الرجاء كفضيلة روحية ..
+ الرجاء فضيلة وقيمة روحيّة... الرجاء قيمة وفضيلة روحية هامّة فى حياتنا كقوة دافعة للنشاط والعمل لنصل لمعرفة عظم رجاء دعوتنا وميراثنا في المسيح، فالرجاء قوة دافعة للمؤمنين لنحيا الإيمان العامل بالمحبة ونجاهد بصبر للرجاء الموضوع أمامنا { متذكرين بلا انقطاع عمل إيمانكم وتعب محبتكم وصبر رجائكم ربنا يسوع المسيح أمام الله وابينا} (1 تس 1 : 3). ويحول الرسول بولس أنظارنا من التفكير في الأحداث الجارية إلى التأمل في عمل نعمة الله داخلنا خلال الإيمان والرجاء والمحبة، فينشغل فكرنا في عمل الله فينا ومعنا من خلال أعمال إيماننا وتعب محبتنا وصبر رجائنا. لا من خلال مفاهيم نظرية عقلية بحتة، وإنما كما نعيشه عمليًا. الإيمان والمحبة والرجاء هذه الأمور في الحقيقة تمثل وحدة واحدة لا يمكن تقسيمها أو فصلها عن بعضها البعض، فإن كان الإيمان بكلمة الحق يدفع المؤمن للعمل لحساب الملكوت الأبدي، فإنه يفتح القلب بالحب لله والناس، فيشتهي المؤمن لا أن يعمل بل يتعب، مسرعًا بنفسه إلى الصليب عوض الراحة الزمنية، وإذ يفتح قلبه بالحب يرى السماوات كأنها مُعلنه قدامه فيترجي التمتع بكمال مجدها. فلا يئن من الضيق والتعب، بل يحمل صبر المسيح الذي { من أجل السرور الموضوع أمامه احتمل الصليب مستهينًا بالخزي} (عب ١٢: ٢).
+ الرجاء يعتمد على محبة الله ... يعتمد الرجاء على محبة الله الآب السماوي لنا وسعيه لخلاصنا حتى دون أن نطلب كأبناء أحباء له وعلي الله كراعي صالح يسعى فى طلب الضال. فقد أتى السيد المسيح للمخلع عند بركة بيت حسدا ليشفيه دون أن يطلب، فحتي الذى ليس له إنسان يحمله يأتي إليه المسيح ويفتقده. والفداء والبذل علي الصليب تم دون أن نطلب بل من عمق المحبة الإلهية نحو البشر. أبوة الله الحانية، تدرك تمامًا ما نحتاجه وما يلزمنا، فيعطينا الرجاء الصالح ومجد ميراث القديسين. {لاَ أَزَالُ شَاكِراً لأَجْلِكُمْ، ذَاكِراً إِيَّاكُمْ فِي صَلَوَاتِي، كَيْ يُعْطِيَكُمْ إِلَهُ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، أَبُو الْمَجْدِ، رُوحَ الْحِكْمَةِ وَالإِعْلاَنِ فِي مَعْرِفَتِهِ، مُسْتَنِيرَةً عُيُونُ أَذْهَانِكُمْ، لِتَعْلَمُوا مَا هُوَ رَجَاءُ دَعْوَتِهِ، وَمَا هُوَ غِنَى مَجْدِ مِيرَاثِهِ فِي الْقِدِّيسِينَ} (أف 16:1-18). الله يتوق لخيرنا لذلك نثق أن الله لا يتأخر عن طالبيه ونتمسك بالرجاء حتى في عدم أمانتنا مع الله يبقى هو أمين { لنتمسك بإقرار الرجاء راسخا لان الذي وعد هو امين} (عب 10 : 23).
+ إله التعزية والرجاء .. اليأس من أخطر الحروب الروحية التى تحارب المؤمن فهو يجعل الحياة ثقيلة بل ومستحيلة ويتسبب فى عدم التكيّف مع الوسط المحيط والفشل والإحباط والكآبة. وهنا تظهر أهمية الرجاء فى الخلاص والنجاة والتعزية من الله كحصن لكل من يتمسّك بالرجاء وسط ضيقات الحياة { ارجعوا الى الحصن يا اسرى الرجاء اليوم ايضا اصرح اني ارد عليك ضعفين} (زك 9 : 12). لهذا راينا القديس بولس يركز علي الثقة والرجاء في الله الذى يخلصنا من الضيقات واليأس { مُبَارَكٌ اللهُ أَبُو رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، أَبُو الرَّأْفَةِ وَإِلَهُ كُلِّ تَعْزِيَةٍ، الَّذِي يُعَزِّينَا فِي كُلِّ ضِيقَتِنَا، حَتَّى نَسْتَطِيعَ أَنْ نُعَزِّيَ الَّذِينَ هُمْ فِي كُلِّ ضِيقَةٍ بِالتَّعْزِيَةِ الَّتِي نَتَعَزَّى نَحْنُ بِهَا مِنَ اللهِ. لأَنَّهُ كَمَا تَكْثُرُ آلاَمُ الْمَسِيحِ فِينَا، كَذَلِكَ بِالْمَسِيحِ تَكْثُرُ تَعْزِيَتُنَا أَيْضاً. فَإِنْ كُنَّا نَتَضَايَقُ فَلأَجْلِ تَعْزِيَتِكُمْ وَخَلاَصِكُمُ، الْعَامِلِ فِي احْتِمَالِ نَفْسِ الآلاَمِ الَّتِي نَتَأَلَّمُ بِهَا نَحْنُ أَيْضاً. أَوْ نَتَعَزَّى فَلأَجْلِ تَعْزِيَتِكُمْ وَخَلاَصِكُمْ. فَرَجَاؤُنَا مِنْ أَجْلِكُمْ ثَابِتٌ. عَالِمِينَ أَنَّكُمْ كَمَا أَنْتُمْ شُرَكَاءُ فِي الآلاَمِ، كَذَلِكَ فِي التَّعْزِيَةِ أَيْضاً. فَإِنَّنَا لاَ نُرِيدُ أَنْ تَجْهَلُوا أَيُّهَا الإِخْوَةُ مِنْ جِهَةِ ضِيقَتِنَا الَّتِي أَصَابَتْنَا فِي أَسِيَّا، أَنَّنَا تَثَقَّلْنَا جِدّاً فَوْقَ الطَّاقَةِ، حَتَّى أَيِسْنَا مِنَ الْحَيَاةِ أَيْضاً. لَكِنْ كَانَ لَنَا فِي أَنْفُسِنَا حُكْمُ الْمَوْتِ، لِكَيْ لاَ نَكُونَ مُتَّكِلِينَ عَلَى أَنْفُسِنَا بَلْ عَلَى اللهِ الَّذِي يُقِيمُ الأَمْوَاتَ، الَّذِي نَجَّانَا مِنْ مَوْتٍ مِثْلِ هَذَا، وَهُوَ يُنَجِّي. الَّذِي لَنَا رَجَاءٌ فِيهِ أَنَّهُ سَيُنَجِّي أَيْضاً فِيمَا بَعْدُ.} (1كو 3:1-10). الرجاء قوة دافعة لنا للاتحاد بالله والصلاة إليه والعمل بوصاياه للتغلب على كل مصاعب رحلة الحياة بعمل نعمته، فللخاطئ رجاء فى الله بالتوبة، وللمريض رجاء فى قدرة الله فى شفائه، والمحزون له رجاء في العزاء ، والمظلوم له رجاء فى الإنصاف و للمحتاج ثقة فى قدرة الله على إشباع احتياجاته، ولمن يعانون من المشاكل النفسية أو العائلية أو الاجتماعية رجاء فى الله ليحلّها ويخلصهم. وعلينا أن نصلي فرحين فى الرجاء { فرحين في الرجاء صابرين في الضيق مواظبين على الصلاة } (رو 12 : 12). وعندما يسمح اللَّه لشعبه بالدخول في الضيقات فيجب أن يدركوا عجزهم عن الخلاص بأنفسهم، علينا أن نعترف بالله كمخلصٍ قادر أن يقيمنا من الموت ويهبنا الحياة والخلاص والنجاة. وتصير لنا خبرة أبونا إبراهيم العملية، إذ آمن بالقادر أن يقيم من الأموات { فهو على خلاف الرجاء آمن على الرجاء لكي يصير أبا لأمم كثيرة كما قيل هكذا يكون نسلك} (رو 4 : 18). القديس بولس الرسول يتحدث عن الضيقة بكونها الطريق الملوكي للتمتع بالتعزيات الإلهية، وأنه طريق الحب المتبادل بين المؤمن ومسيحه المصلوب، وبينه وبين اخوته. ثم يعبر بالحديث إلى خبرة الموت حيث بلغت نفسه إلى حافة اليأس، لكن إلى حين. ليختبر أنه مدين بكل حياته الجديدة أو المقامة من الموت لمسيحه القائم من الأموات. هذه الخبرة العملية عاشها بولس الرسول في الماضي، أن الله نجاه من الموت، ويمتد لخبرة الحياة الحاضرة إذ هو ينجي، ويمتد بروح الرجاء في المستقبل إذ سينجي أيضًا.
+ الرجاء كخبرة عملية في حياة القديسين ... رجائنا في اللَّه الذي ينجي من الموت لا يقوم على فكرة مجردة، وإنما على خبرة عملية، فقد سبق فنجى قديسيه وشعبه وكنيسته من ضيقات وتجارب صعبة ، ولا يزال يفعل المعجزات ويقيم الأموات ويجول يصنع خير فلا مجال للتشكك في أنه سينجي أيضًا في المستقبل حتى النهاية. إنه يحفظنا لملكوته الذي أقامه ويقيمه في أعماقنا. ومع أن القيامة أمر يخص المستقبل إلا أن بولس يُظهر أنها تحدث كل يوم. عندما يخلص إنسان من أبواب الموت والتجارب والضيقات، فإن هذا بالحق هو نوع من القيامة. اننا نثق أن غير المستطاع لدى الناس مستطاع لديه { فنظر اليهم يسوع وقال عند الناس غير مستطاع ولكن ليس عند الله لأن كل شيء مستطاع عند الله }(مر 10 : 27). إن رجاءنا في الله لأنه قادر على كل شئ وهو إله محب ومحبة الله لا تعتمد على صلاحنا بل على ابوّته وصلاحه من أجل هذا نحن نتمسك بالرجاء لان الهنا امين وقادر ومحب وهو يريد منا أن نتمسك بالرجاء فيه لنصل الى غنى مجد ملكوته { الذين اراد الله ان يعرفهم ما هو غنى مجد هذا السر في الأمم الذي هو المسيح فيكم رجاء المجد} "كو 1 : 27" فالمسيح هو رجائنا وقائدنا للمجد الأبدي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق