للراهب القمص أفرايم
الأنبا بيشوى
+ فَالْبَسُوا
كَمُخْتَارِي اللهِ الْقِدِّيسِينَ الْمَحْبُوبِينَ احْشَاءَ رَأْفَاتٍ،
وَلُطْفاً، وَتَوَاضُعاً، وَوَدَاعَةً، وَطُولَ انَاةٍ} (كو 3 : 12)
{With all lowliness and
gentleness, with longsuffering, bearing with one another in love}
(Eph 4 : 2).
+ طول الأناة ثمرة
شهية من ثمار الروح القدس وتعنى الصبر والاحتمال والتأني وسعة الصدر كموقف إرادي
إيجابي يحتاج لضبط النفس والتفكير قبل التحدث أو التصرف أو العمل من أجل أن ندرك
ما يدور حولنا قبل التصرف، قد نجد البعض يستعجل في الردّ على كلّ كلمة أو نظرة أو
حركة من الغير وردّهم هذا يأتي بنتائج سيئة عليهم. لكن بالصلاة والأنقياد لروح
الله نكتسب طول الأناة ونصبر ونفكّر قبل القيام بأي عمل ونتعوّد علي ضبط أعصابنا
ونكبح جماح أنفسنا لكي نكسب أنفسنا وغيرنا بطول الأناة في المحبة { بِكُلِّ
تَوَاضُعٍ، وَوَدَاعَةٍ، وَبِطُولِ أَنَاةٍ، مُحْتَمِلِينَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً فِي
الْمَحَبَّةِ} (اف 4 : 2)
+ لو عرفنا أضرار التسرع
ونتيجته من أمراض ومتاعب كثيرة نفسية وبدنية وإجتماعية، وما يصيبنا من عدم
الاحتمال والغضب وخسارة الغير لفضلنا أن نطيل بالنا ونصبر ونحتمل بل ونبادر لصنع
الخير مع الغير { ها نحن نطوب الصابرين، قد سمعتم بصبر أيوب، ورأيتم عاقبة الرب}
(يع5: 11). فليكن لدينا طول اناة وشكر وانتظار لعمل الرب الذي سوف يأتي في الوقت
المناسب. لقد أعطى الله درساُ فى طول الأناة والصبر والاحتمال لاب الاباء ابراهيم
: قيل أن ضيفاً قدم الي أبراهيم يوماً فرحب أبينا إبراهيم بالضيف وذبح له عجلاً
وأعد الأطعمة. وقبل أن يأكلا ويبيتا طلب منه الصلاة معاً، وقبِل الشيخ ذو الستين
ربيعاً وعندما طلب أبينا إبراهيم من الضيف أن يصلوا أخرج الضيف صنم من جيبه وأخذ
يصلى إليه فانزعج أبينا إبراهيم وقال إن هذا خطأ لأنه يوجد إله خالق السماء
والأرض له نسجد ونصلى هنا لم يقبل الضيف نصيحة رجل الإيمان واستمر في صلاته وإذ
بأبينا إبراهيم يحتد عليه ويطرده من عنده وفي ذات الليلة كلم الله أبينا إبراهيم
معاتباً قائلاً : ( يا إبراهيم ستون سنة وأنا صابر على هذا الرجل ومحتمله، أما
قدرت أن تصبر عليه ليلة واحدة).
+ فى كل مجالات
الحياة نحتاج للصبر وطول البال. فلو سادت طول الأناة بين الناس لأصبحت حياتنا أفضل
وارحنا الغير لأن من يطيل أناته
على غيره يحصل على السلام مع الآخرين ومع نفسه. فلو أن الزوج صبر على زوجته كمثال
لو تأخرت في إعداد الطعام، ولو أطال المسئول أناته على مرؤوسيه لأصبحت الحياة أجمل
وأفضل والروح القدس هو معلمنا وهو يستطيع أن يهبنا طول الاناة ان طلبناه وسمعنا
نداه وأطعنا { فتانوا انتم ايها الاخوة وثبتوا قلوبكم لأن مجيء الرب قد اقترب} (يع
8:5). ونتاني على أنفسنا و نترجى مراحم الله ولا نيأس بل نجاهد لنتخلص من أخطائنا
وخطايانا وننمو فى الفضائل الروحية والتقوى. ونصبر على ابنائنا واخوتنا واقاربنا
ومع الوقت لابد أن تنصلح أحوالهم بمحبتنا لهم. نطيل أناتنا حتى على المسيئين إلينا
ونصلي ليحاسبوا أنفسهم ويصلحوا من أحوالهم ونلتمس لهم الأعذار لجهلهم وقلة معرفتهم
{ والذي في الأرض الجيدة هو الذين يسمعون الكلمة ويحفظونها في قلب جيد صالح
ويثمرون بالصبر} (لو 8 : 15).
+ كلما سلَّمنا أنفسنا
أكثر للروح القدس وخضعنا لتوجيهاته، يعمل فينا، ويعطينا من ثماره ويسيطر على
أفكارنا وأقوالنا ومشاعرنا ويقودنا وعلينا أن نصلي ليهبنا روح الله والوداعة وطول
الأناة ويزيل الغضب من داخلنا، ويعلّمنا ويغرس فينا فكر المسيح الذي
شرحه الرسول بطرس في قوله: { لأَنَّكُمْ لِهٰذَا دُعِيتُمْ. فَإِنَّ
ٱلْمَسِيحَ أَيْضاً
تَأَلَّمَ لأَجْلِنَا، تَارِكاً لَنَا مِثَالاً لِكَيْ تَتَّبِعُوا خُطُواتِهِ.
ٱلَّذِي لَمْ يَفْعَلْ خَطِيَّةً، وَلا وُجِدَ فِي فَمِهِ مَكْرٌ، ٱلَّذِي
إِذْ شُتِمَ لَمْ يَكُنْ يَشْتِمُ عِوَضاً وَإِذْ تَأَلَّمَ لَمْ يَكُنْ يُهَدِّدُ
بَلْ كَانَ يُسَلِّمُ لِمَنْ يَقْضِي بِعَدْلٍ} (1بط 2: 21-23). علينا ان نثق فى مواعيد الله وعمله فان لكل شئ تحت السماء وقت،
فنصبر ونواظب على عمل الخير و سنحصد في الوقت المناسب. فطويل الأناة لا يخاصم
ويحتمل ويكون محبوبا ومن محبته للغير يحتمل ويصبر ويملك الدرع الواقي لمنع
الخصومات ولذلك قال سليمان الحكيم { الرجل الغضوب يهيج الحقد ، وبطء الغضب يسكن
الخصام} (1م 5 : 19). فإن أردت أن تحيا سعيداً وتعمر مديداً لا تغضب وكن صبوراً
لكى لا تحطم سعادتك بيديك فالإنسان الهادئ يجلب السعادة لنفسه ولمن حوله.
+ الصبر لازم لخلاصنا،
كما هو ايضاً ضرورة لدخول الملكوت فمن يصبر للمنتهي فهذا يخلص ولذلك نرى يعقوب
الرسول يوصي بشدة جماعة المؤمنين فيقول { فتانوا أيها الاخوة إلى مجيء الرب، هوذا
الفلاح ينتظر ثمر الأرض الثمين متأنياً عليه حتى ينال المطر المبكر والمتأخر،
فتانوا انتم وثبتوا قلوبكم لأن مجيء الرب قد اقترب... خذوا يا إخوتي مثالاً
لاحتمال المشقات والأناه، الأنبياء الذين تكلموا باسم الرب ها نحن نطوب الصابرين،
قد سمعتم بصبر أيوب ورأيتم عاقبة الرب} (يع 5 : 7 ـ 11) ويمتدح الرسول بولس تلميذه
تيموثاوس { وأما أنت فقد تبعت تعليمي وسيرتي وإيماني وأناتي ومحبتي وصبري
واضطهاداتي وآلامي... أية اضطهادات احتملت ومن الجميع أنقذني الرب، وجميع الذين
يريدون أن يعيشوا بالتقوى في المسيح يسوع يضطهدون} (2 تيم 3 : 10 ـ 12).
+ أننا نصلي الى الله،
طويل الأناة وكثير الرحمة، أن يتأنى على خليقته رغم بعدها وجحودها وخطاياها نترجى
مراحمه. انت يالله اله الصبر والرجاء، طويل البال، تأني علينا وعلى عالمك المجروح،
فابليس يعمل جاهدا ليبعدنا عنك وانت كأب صالح قادر على كل شئ, ردنا اليك يالله
كعظيم رحمتك. علمنا ان نقابل الكراهية بالمحبة، والشر بالخير، و التسرع والغضب
بالصبر والهدوء، علمنا ان نكون شفوقين محتملين بعضنا بعضا بالمحبة، مسرعين الى حفظ
وحدانية الروح برباط الصلح الكامل، صانعين ارادتك كل حين، أمين.
+ من الحكم وأقوال القديسين: -
+ { انْتَظِرِ الرَّبَّ
وَاصْبِرْ لَهُ وَلاَ تَغَرْ مِنَ الَّذِي يَنْجَحُ فِي طَرِيقِهِ مِنَ الرَّجُلِ
الْمُجْرِي مَكَايِدَ} (مز 37 : 7)
+ الصبر
يعتمد على قوة الإنسان الداخلي لا
على مجرد غلق باب قلايتنا أو
التوغل في الصحراء أو مصاحبة القديسين أو أي ضمان خارجي من أي نوع { لأن
ملكوت الله داخلكم } ( لو 17 : 21
( فباطلاً نظن أننا
قادرون على تفادي هجمات عدونا الخبيث ( الشيطان ) بمعاونة الساكنين معنا أو نتخلص
منها ببعد المكان أي الانعزال عن الناس أو نهرب منها بحماية الجدران لنا.
إذاً لسنا نحتاج إلى البحث عن سلامنا في الخارج { ملكوت
الله داخلكم}.
يوحنا كاسيان
+ من الشعر الروحي:-
"ثمر الروح "
روحك يارب يقودني ويحررني من الآثام
بحكمة أنسى ما هو للوراء وامتد للأمام
أحبك من كل القلب وأعيش مع الغير بوئام،
لطف وطول أناة وصبر فى العمل والكلام
إيمان يدوم مع الأيام ووداعة تكسب الأنام
عفة حواس وقلب يضبط الجسد إلى التمام
جهاد بالروح يوصل للسماء، مدينة السلام
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق