للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى
+ {
اذا كان احد يحب البر فالفضائل هي اتعابها لأنها تعلم العفة والفطنة والعدل والقوة
التي لا شيء للناس في الحياة أنفع منها} (الحكمة
8 : 7)
{ And if any one loves righteousness, her labors are
virtues; for she teaches self-control and prudence, justice and courage;
nothing in life is more profitable for men than these.} (Hehma 8 :
7).
+ التعفف يعني حياة الطهارة والنزاهة والأمانة ويشتمل على عفة الحواس والفكر والجسد والعواطف والروح. الحواس العفيفة هي حواس مقدسة ختمها الروح القدوس بالحياء وعدم التطلع باشتهاء للناس أو الأشياء. عفة النظر والسمع واللمس كلها مطلوبة لمن الذي يريد أن يحيا حياة التعفف، لأن الحواس هي مداخل الفكر والعواطف، وضبطها يصون القلب والفكر والجسد من خطايا النجاسة. فعفة اللسان تجعله لا يتلفظ بكلمة بطالة من أي نوع، لا شتيمة ولا كذب ولا حلفان ولا تهكم ولا إدانة ولا نميمة بل يحيا المؤمن فى رقة وأدب يحرص ويفكر الشخص في كل كلمة قبل أن ينطق بها. عفة الحواس والفكر والنية وتقديس الجسد فلا ينغمس في شهوة الأكل والشرب والكسل بل في لياقة وروحانية يكتفي المؤمن بحاجاته الضرورية وتتقدس عواطفه ويضبط إنسانه الداخلي { فوق كل تحفظ احفظ قلبك لأن منه مخارج الحياة} (أم 23:4). وعفة الجسد تشمل الحشمة والعفة في المشي والجلوس والكلام والبعد عن كل العثرات التي تثير الجسد وعدم ملامسة الأجساد بغرض نجس، والتعفف يشمل عفة اليد بالأمانة وعدم السرقة أو الاختلاس وعدم قبول الرشوة وعدم إيذاء الغير لا بدني ولا معنوى. التعفف يعني قداسة الفكر والمشاعر والسلوك والبعد عن الخطية والشهوة والانحرافات الأخلاقية. الروح القدس الساكن فينا يعطي المؤمن المجاهد أن يحيا نقياً طاهراً فى أفكاره وفى أقوال فمه ونظرات عينيه وأحاديثه وكل طرقه وحياته الداخلية والخارجية معاً.
+ لقد قدس الله الطبيعة الإنسانية عندما اتحد بها وصار
ملتزما بها ومدبرا لخلاصها وعندما صعد الى السماء وجلس عن يمين الآب احتفظ بجسده
الذي أخذه من القديسة مريم وهكذا دخلت الطبيعة الإنسانية الي أعماق السماء. لقد
أصبح الإنسان بالعماد ابناً لله و بالميرون المقدس أصبح مكرسا للرب وصار هيكلا
للروح القدس ومسكنا للرب وعضوا فى الكنيسة التي هي جسده السري. وفى هذا يقول
الإنجيل { ألستم تعلمون أن جسدكم هو هيكل للروح القدس الذي فيكم الذي لكم من الله
وأنكم لستم لأنفسكم لأنكم قد اشتريتم بثمن فمجدوا الله في أجسادكم وفي أرواحكم
التي هي من الله } (1كو 6: 19-20).
+ العفة فى المسيحية
فضيلة ايجابية تهدف إلى حياة روحية سليمة يشبع فيها المؤمن بمحبة الله ويرفض أن
يخون أو يجرح محبة الله أو يخالف وصاياه.
فيحب المؤمن أخوته محبة روحية طاهرة تخدمهم وتبنيهم في وسعي لكي نحيا فى المسيح ومعه.
الشخص العفيف المحب لله يلتهب قلبه بمحبة العفة والطهارة وتنضبط حواسه ويتقدس فكره وتسمو عواطفه وتنمو
روحه. هكذا راينا أمثلة للتعفف والفضيلة حتى فى العهد القديم وقدم يوسف الصديق
مثال يحتذى للشباب الذى يقاوم تيار الشر فيكون الله معه وينجحه ويهبه
الحكمة والمعرفة ويرفعه ليخلص مصر وما حولها من المجاعة.
+ التعفف يحتاج للجهاد الروحي لكنه أيضا هبة وعطية من أعمال
الروح القدس فى حياة المجاهد المسيحي الذي يريد ان يعيش مع المسيح فى سهر ويقظة
روحية سواء فى حياة البتولية أو الزواج. رفع الله سر الزيجة ليكون كاتحاد ومحبة
المسيح بالكنسية وامتدت محبة الله فى قلوب المؤمنين حتى إن البعض فضل حياة
البتولية كتكريس كامل للجسد والقلب والروح أقتداء بالانبياء المجاهدين كايليا
النبي ويوحنا المعمدان وابائنا الرسل الاطهار كيوحنا الحبيب وبولس الرسول الذين عاشوا
حياة ملؤها الطهارة والعفة الكاملة وامتد الانجيل معاش فى حياة الرهبان وكذلك فى
كل بيت مسيحى مؤمن حتى اصبحت العفة والطهارة أهم علامة تميز الحاملين سمة مسيحهم
القدوس، ولهذا يوصينا الكتاب أن نحيا بالإيمان حياة الفضيلة والتعفف والصبر لننمو
في معرفة ربنا يسوع المسيح { لِهَذَا عَيْنِهِ وَأَنْتُمْ بَاذِلُونَ كُلَّ
اجْتِهَادٍ قَدِّمُوا فِي إِيمَانِكُمْ فَضِيلَةً، وَفِي الْفَضِيلَةِ مَعْرِفَةً،
وَفِي الْمَعْرِفَةِ تَعَفُّفاً، وَفِي التَّعَفُّفِ صَبْراً، وَفِي الصَّبْرِ
تَقْوَى،. وَفِي التَّقْوَى مَوَدَّةً أَخَوِيَّةً، وَفِي الْمَوَدَّةِ
الأَخَوِيَّةِ مَحَبَّةً. لأَنَّ هَذِهِ إِذَا كَانَتْ فِيكُمْ وَكَثُرَتْ،
تُصَيِّرُكُمْ لاَ مُتَكَاسِلِينَ وَلاَ غَيْرَ مُثْمِرِينَ لِمَعْرِفَةِ رَبِّنَا
يَسُوعَ الْمَسِيحِ.} (2بط 5:1-8). إن من استسلم لشهواته وميوله الشريرة من دون
ضبط للنفس، يقلّل من قيمته وكرامته ويشوّه صورة الله فيه { لا تكن تابعاً لشهواتك،
بل عاصٍ أهواءك} (سير 30:18). إنّ العفة هي الفضيلة التي تضع لجاماً لرغباتنا
الشريرة وتجعل الإنسان عاقلاً مهذباً، نقيّاً وهادئاً وطاهراً ، مرضياً أمام الله.
+ الروح القدس يقودنا إلى التعفف حتى في الطعام والشراب فالطعام
له هدف وهو تغذية الجسد، فهدف الطعام تغذية الجسد والمحافظة على الصحة كوزنة من
الله. إنّ لذة التذوق هي وسيلة لنأكل وباعث فينا لنشتاق لتذوق حلاوة السماء
التي تنتظرنا في الدهر الآتي. وعلينا أن نضبط ذواتنا ليكون لدينا تعفف في الطعام
والشراب ونأخذ ما يحتاجه جسمنا للعيش " نأكل لنعيش، لا نعيش لنأكل"
وإلا نسقط في خطيئة الشراهة. أنّ الشراهة والنهم في الطعام هما مصدر وجذر الخطيئة
الجسديّة فمن السهل ضبط النفس والجسد إن كان المرء
عفيفاً في طعامه وضابطاً لذاته، فالبطن سيدة الأوجاع من يضبطها يتجنّب الشهوات
الجسدية وكما يقول أحد القديسين"ابتعد عن الشراهة؛ فهي أمّ وجذر ونبع كلّ فجور.. اهرب من
الشراهة حتى لا تكون جذراً وجوهراً للنتانة " ويشبّه القدّيس باسيليوس الكبير وفرة الطعام
وغناه بالدخان الكثيف المتبخر بالرائحة الكريهة، وكمثل سحبٍ داكنة تتوارى في
طياتها إشراقات الروح القدس. لهذا نظَّمت الكنيسة فترة الأصوام كتدريب على العفة الدائمة
والتي تجعل قوّة النفس جبّارة تكبح كلّ هجمات للجسد. لقد كان دانيال النبى والفتية
الثلاثة مثال للتعفف والحياة المخلصة لله ووصاياه والالتزام فى الصوم والأكل
والشرب فلم يتنجسوا بأطايب الملك وقد حفظهم الله من أنياب الأسود أو من آتون النار
المتقدة لأنهم وثقوا بالله وتوكلوا عليه.
+ العفاف المسيحى يعنى قلباً
ملتهباً بالحب الإلهي يشبع النفس ويملأ الفراغ الداخلي ويحل مشكلة العزلة والملل
والسأم ويقدس الفكر والقلب والأرادة، ويغمر قلب الإنسان بنعمة الروح القدس الوديع
الهادئ فتنطفئ كل شهوة خاطئة وتهدأ حركات الجسد وأعضائه وتمتلئ النفس فرحاً
وسلاماً ونعيماً. وتنمو فينا طاقات المحبة الإيجابية ونوجهها التوجيه السليم . من أجل هذا نصلى كل يوم للروح القدس لكي طهرنا من دنس
الجسد والروح وينقلنا إلى سيرة روحانية لكي نسعى بالروح ولا نكمل شهوة الجسد.
+ من الحكم وأقوال القديسين: -
+ + إحرص على طهارة جسدك و نقاوة قلبك فإنك إن تحققت من
نوالها أبصرت الله ربك . القديس الأنبا باخوميوس
+ الحياء لا يمنعنا من عيش الحياة، وإنما نعيشها بشكل
أفضل مع رضا الله.
+ العفة أجمل ثوب تلبسه المرأة ومن أعظم فضائل الرجال.
+ من الشعر الروحي:-
" البر يرفع شأن الأمة"
كن عفيف القلب وضع للحواس واللسان لجام
حاسب نفسك
وعاتبها أو عاقبها قبل ما تنام
خليك عفيف اليد
سخي كريم، الكريم لا ينضام
عيونك غضها عن
الشر و تطلع للسماء لقدام
أطلب العفة كهبة
من الله،
أمين لالهك للتمام
الحكيم يبني
ذاته بالعفة والجاهل محب للخصام
البر يرفع
الأمة وعار للإنسان الشر والآثام
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق