للأب القمص
أفرايم الأنبا بيشوى
بطرس الرسول والأستجابة للدعوة
الإلهية....
+ جاء السيّد المسيح إلى البشريّة مقدما التوبة والإيمان بعمله الخلاصي لكل
أحد ولاسيما لتلاميذه القديسين الذين أعدهم للكرازة بالإيمان المسيحي فى كل العالم
{قَدْ كَمَلَ الزَّمَانُ وَاقْتَرَبَ مَلَكُوتُ اللَّهِ فَتُوبُوا وَآمِنُوا
بِالإِنْجِيلِ} (مر 1 : 15). لقد كان القديس بطرس وأندراوس أخاه باكورة تلاميذ
السيد المسيح في بدء خدمته { وَفِيمَا
هُوَ يَمْشِي عِنْدَ بَحْرِ الْجَلِيلِ أَبْصَرَ سِمْعَانَ وَأَنْدَرَاوُسَ
أَخَاهُ يُلْقِيَانِ شَبَكَةً فِي الْبَحْرِ فَإِنَّهُمَا كَانَا صَيَّادَيْنِ. فَقَالَ
لَهُمَا يَسُوعُ: «هَلُمَّ وَرَائِي فَأَجْعَلُكُمَا تَصِيرَانِ صَيَّادَيِ
النَّاسِ». فَلِلْوَقْتِ تَرَكَا شِبَاكَهُمَا وَتَبِعَاهُ.} ( مر 16:1-18). أستجاب
الأخوين بطرس وأندراوس لدعوة الرب فتركا من العمل الزمني للتكريس الكامل للتلمذة للمسيح
والكرازة بالإيمان. لقد اختار السيد المسيح تلاميذه الأول من بين صيادي السمك
الأميين للعمل معه لكي لا يُنسب نجاحهم في العمل للفصاحة والفلسفة، وإنما لعمله
الإلهي وتنمية إيمانهم وتلمذتهم علي تعاليمه ومحبته وأستجابتهم لعمل نعمته الإلهية
فيهم. وهكذا راينا القديس بطرس الرسول بعد قيامة الرب وحلول الروح القدس علي
التلاميذ يعظ بكل مجاهرة ويسير علي خطي سيده يدعو للتوبة والإيمان ويأتي الرب
بنفوس كثيرة للإيمان عن طريقه { فَلَمَّا سَمِعُوا نُخِسُوا فِي قُلُوبِهِمْ
وَسَأَلُوا بُطْرُسَ وَسَائِرَ الرُّسُلِ: «مَاذَا نَصْنَعُ أَيُّهَا الرِّجَالُ
الإِخْوَةُ؟» فَقَالَ لَهُمْ بُطْرُسُ: «تُوبُوا وَلْيَعْتَمِدْ كُلُّ وَاحِدٍ
مِنْكُمْ عَلَى اسْمِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ لِغُفْرَانِ الْخَطَايَا فَتَقْبَلُوا
عَطِيَّةَ الرُّوحِ الْقُدُسِ. لأَنَّ الْمَوْعِدَ هُوَ لَكُمْ وَلأَوْلاَدِكُمْ
وَلِكُلِّ الَّذِينَ عَلَى بُعْدٍ كُلِّ مَنْ يَدْعُوهُ الرَّبُّ إِلَهُنَا». وَبِأَقْوَالٍ
أُخَرَ كَثِيرَةٍ كَانَ يَشْهَدُ لَهُمْ وَيَعِظُهُمْ قَائِلاً: «اخْلُصُوا مِنْ
هَذَا الْجِيلِ الْمُلْتَوِي». فَقَبِلُوا كَلاَمَهُ بِفَرَحٍ وَاعْتَمَدُوا
وَانْضَمَّ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ نَحْوُ ثَلاَثَةِ آلاَفِ نَفْسٍ.} ( أع 37:2-41).
فيا لعظمة النعمة التي عملت في بطرس الرسول
والتلاميذ القديسين حتى آمن بعظة واحدة بالمسيح
هذا العدد العظيم، واعتمدوا باسم المسيح، { كانوا يواظبون على تعليم الرسل
والصلوات} (أع 2: 14). علي من يسمع ويقرأ في كل زمان ومكان أن يستجيب للدعوة
الإلهية ليعمل فيه الروح القدس ويقدم توبة صادقة ويعيد النظر إلى حياته الداخلية
وسلوكه ليكتشف محبة الله الفائقة، وكما
قيل عن المرأة الخاطئة { لأنها أحبت كثيرًا مغفورة لها خطاياها الكثيرة}(لو 7 :
47). ان الخاطي يجد في محبة الله مصدر للمغفرة والتعزية والفرح الفائق .
+ القديس بطرس وتذكية الإيمان ...
سار القديس بطرس مع الرب يسوع
المسيح وتتلمذ علي يديه وحفظ كلامه وراي
معجزاته حتى رايناه يسير مع سيده علي المياة وسط الرياح والأمواج فوجود المسيح
معنا هو سِرّ سلامنا وقوّتنا وينزع منا كل ضعف وخوف ولا يزال الله يدخل مع كل مؤمن
الي سفينة حياته وسط الأمواج، حتى يستطيع أن يدرك حقيقة وجود الله معه وسلطانه وانه
هو قادر أن يهدِّئ الأمواج الخارجيّة والداخليّة، واهبًا إيّاه سلامًا فائقًا ويعلن
حضوره الإلهية معنا، كما فعل قديما { فَلَمَّا أَبْصَرَهُ التَّلاَمِيذُ مَاشِياً عَلَى
الْبَحْرِ اضْطَرَبُوا قَائِلِينَ: «إِنَّهُ خَيَالٌ». وَمِنَ الْخَوْفِ
صَرَخُوا!. فَلِلْوَقْتِ قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «تَشَجَّعُوا! أَنَا هُوَ. لاَ
تَخَافُوا». فَأَجَابَهُ بُطْرُسُ: «يَا سَيِّدُ إِنْ كُنْتَ أَنْتَ هُوَ
فَمُرْنِي أَنْ آتِيَ إِلَيْكَ عَلَى الْمَاءِ».فَقَالَ: «تَعَالَ». فَنَزَلَ
بُطْرُسُ مِنَ السَّفِينَةِ وَمَشَى عَلَى الْمَاءِ لِيَأْتِيَ إِلَى يَسُوعَ. وَلَكِنْ
لَمَّا رَأَى الرِّيحَ شَدِيدَةً خَافَ. وَإِذِ ابْتَدَأَ يَغْرَقُ صَرَخَ: «يَا
رَبُّ نَجِّنِي». فَفِي الْحَالِ مَدَّ يَسُوعُ يَدَهُ وَأَمْسَكَ بِهِ وَقَالَ
لَهُ: «يَا قَلِيلَ الإِيمَانِ لِمَاذَا شَكَكْتَ؟».وَلَمَّا دَخَلاَ السَّفِينَةَ
سَكَنَتِ الرِّيحُ. وَالَّذِينَ فِي السَّفِينَةِ جَاءُوا وَسَجَدُوا لَهُ
قَائِلِينَ: «بِالْحَقِيقَةِ أَنْتَ ابْنُ اللَّهِ!».} ( مت 26:14-33). لقد رأى
القدّيس بطرس شخص السيّد المسيح سائرًا على المياه فاشتهى أن يلتقي به عليها، وإذ
طلب من الرب أمَره أن يأتي إليه، لكن بطرس خاف إذ رأى الريح شديدة. إنها صورة
البشريّة قبل التجسّد، التي آمنت بالله القادر أن يسير على مياه العالم، فخرجت
تلتقي به، لكنها عجزت تمامًا، وكادت أن تغرق. لكن إذ مدّ السيّد يده بتجسّد الابن
الكلمة، وأمسك بيده المجروحة أيدينا الضعيفة ضمَّنا إلى أحشائه غافرًا خطايانا،
فصار لنا به إمكانيّة السير معه وفيه على مياه بحر العالم دون أن نغرق. دخل السيد
المسيح مع بطرس ولسفينة حياته ليبحر معه
ومعنا إلى أورشليم العليا. والعجيب أن السيّد لم يهدِّئ الأمواج لكي يسير بطرس على
المياه، وإنما قال لبطرس: "تعال"، مهدّئًا أمواج قلبه الداخليّة ليسير
بالإيمان على الأمواج ولا يغرق. حقًا إن سرّ غرقنا ليست الأمواج الخارجيّة، وإنما
فقدان القلب سلامه وإيمانه. لقد أَدخل
المخلّصُ الى قلب بطرس الرسـول السلام فتطلع الى وجـه يسوع فقط فسار علي المياة
حتى وصل الي السفينة. ولما رأى التـلاميذ المعجزة سجـدوا ليسـوع واعتـرفـوا بأنـه
مخـلّصهم من كل خـوف ومـن كـل سقطـة واعتـرفـوا أنـه ابـن الله. هذا هو
الاعتراف والإيمان الذي قاله بطـرس{ فَأَجَابَ سِمْعَانُ بُطْرُسُ: «أَنْتَ هُوَ
الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ الْحَيِّ» (مت 16 :
16). هذا هو إيمان الكنيسة عبر العصور بلاهوت السيد المسيح أبن الله الحي.
السيد المسيح يقوى إيماننا لنسير علي خطاه...
لقد شجع السيد المسيح تلميذه القديس بطرس وزرع فيه
الثقة بالنفس ونمي إيمانه، ويضع السيد ثقته فينا وينتظر منا ثمر حياة الإيمان الجديدة
التي يهبنا إياه، كان المسيح قد نظر إلى بطرس وراي فيه اناءاً مختاراً. انها حكمة
الله المشجعة لنا وهي التي ترى فينا الإمكانيات التي قد لا يراها فينا الناس أو حتى
لا نراها نحن في أنفسنا، ومن الواضح أن السيد وثق ببطرس، في وقت فقد فيه بطرس الثقة
بنفسه حتى أوشك على الضياع {طلبت من أجلك لكي لا يفنى إيمانك، وأنت متى رجعت ثبت
إخوتك} (لو 22: 32). ليس لإبليس سلطان أن
يجرب أحد إلاّ بسماح من الله، وان أراد إبليس للتلاميذ أن يتفرقوا ويتبددوا كما حذر
السيد المسيح التلاميذ ولكن الله سمح لإبليس بتجربتهم ليظهر الحنطة من الزوان، لكن
علينا أن ندرك ضعفنا أمام التجارب ونصلي طالبين المعونة من الله ونطلب قوته
لينصرنا في الحرب ويقودنا في الطريق وندرك أن سر قوتنا هو الله. وبهذا نرى أن الله
حين يسمح بأن يجرب إبليس أولاده فيكون هذا لصالحهم. إبليس يقصد من تجاربه أن
يجعلنا نترك يسوع والسيد يسمح بالتجارب لنكتشف بها ضعفنا فنلجأ إليه للمعونة. القديس
بطرس يمثل الضعف الذي يحتاج إلى عون إلهي فيقوم ليثبت ويثبت الآخرين معه خلال
النعمة الفياضة التي ينالها. عندما قال
مدرس أديسون له : "انت كالبيض الفاسد لن تفيد شئيا واخرجه من المدرسة
" كانت أم توماس أديسون مؤمنة بقدرة ابنها،
ورفضت رأى المدرس في ولدها العبقري، الذي أصبح من أعظم عباقرة الأمريكيين في
الاختراع والصناعة. قد يفقد الإنسان الثقة
في نفسه، وقد يفقدها فيه الناس جميعًا، لكن الرب لم يفقد الثقة في عودتنا إليه
ويعمل على رجوعنا اليه ويخلق فينا الإنسان الجديد الذى يتجدد يوماً فيوم على صورة
خالقه. انه راعى نفوسنا ومخلصها الصالح الذي بذل ذاته على الصليب من أجل خلاصنا.
+ الإيمان والأتكال علي الله ...
أن انتماءنا للمسيح ينمي فينا الإيمان به والثقة فيه وأتكالنا عليه كما أنه
ينمي محبتنا له وايضا لوطننا وأخلاصنا له وخضوعنا لقوانينه فنلتزم بتقديم واجباتنا
الوطنيّة. فالمسيحي وهو يحمل السيّد المسيح ملكًا سماويًا داخل قلبه، إنّما يحمل
روح الوداعة والطاعة. وهذا ما راينا فى أيفاء السيد المسيح الجزية عن نفسه وعن
تلميذه بطرس الرسول معلما بطرس والمؤمنين درس فى الأخلاص للوطن والطاعة للقانون
وتقديس العمل دون الأرتباك به { ولما جاءوا الى كفرناحوم تقدم الذين ياخذون
الدرهمين الى بطرس وقالوا اما يوفي معلمكم الدرهمين. قال بلى فلما دخل البيت سبقه
يسوع قائلا ماذا تظن يا سمعان ممن ياخذ ملوك الارض الجباية او الجزية امن بنيهم ام
من الاجانب. قال له بطرس من الاجانب قال له يسوع فاذا البنون احرار. ولكن لئلا
نعثرهم اذهب الى البحر والق صنارة والسمكة التي تطلع اولا خذها ومتى فتحت فاها تجد
استارا فخذه واعطهم عني وعنك}( مت 24:17-27). إن كان بطرس الرسول قد دُعي للتكريس
الكامل والتفرّغ للخدمة لحساب الملكوت السماوي،فلم يتجاهل الرب للحياة الواقعيّة
ومتطلباتها. لهذا أطاع بطرس الرسول وذهب إلى البحر كما إلى العالم، وألقى بالصنارة
ليعمل، ليجد الله قد أعدّ له أستارًا في فم سمكة، ليفي به عن سيّده وعن نفسه. لقد
قدّس الله العمل، لكن دون أن يرتبك به الإنسان، أو يدخل به إلى روح الطمع، وإنِّما
من أجل الاحتياجات الضروريّة. ولعلّ ما فعله بطرس كان يمثِّل التزام المؤمنين ككل،
الكنيسة في جامعيّتها، وحتى التفرّغ للخدمة ليس احتقارًا للعمل اليومي العادي،
وإنما من أجل عدم الارتباك به. فعندما ارسل السيد المسيح التلاميذ للخدمة بلا كيس
ولا مذود تكفل بتسديد كل أحتياجاتهم { ثم قال لهم حين ارسلتكم بلا كيس ولا مزود ولا
احذية هل اعوزكم شيء فقالوا لا} (لو 22
: 35). الإيمان ينمي فينا الثقة في الله
الذي يسدد كل أحتياجاتنا حسب غناه فى المجد.
+ الإيمان يمنح السلام وسط كل
الظروف ...
الإيمان يهب السلام للمؤمن {فان الجبال تزول و الاكام تتزعزع اما احساني
فلا يزول عنك وعهد سلامي لا يتزعزع قال راحمك الرب }(اش 54 :
10) . ان كان الله معنا فمن علينا{ فاذ قد تبررنا بالايمان لنا سلام مع
الله بربنا يسوع المسيح (رو 5 : 1). المؤمن ينال سلامه ليس من الظروف بل من
المسيح الذى ينزع منه كل ضعف وخوف { قد كلمتكم بهذا ليكون لكم في سلام في العالم
سيكون لكم ضيق ولكن ثقوا انا قد غلبت العالم }(يو 16 : 33). سلام الله يفوق كل عقل
ويهب هدوء وثقة حتى وسط الظروف الصعبة { سلاما اترك لكم سلامي اعطيكم ليس كما يعطي
العالم اعطيكم انا لا تضطرب قلوبكم و لا ترهب} (يو 14 :
27). هذا السلام منح القديس بطرس سلام حتى وهو مسجون وسيقدم للحكم بالموت {
وَلَمَّا أَمْسَكَهُ وَضَعَهُ فِي
السِّجْنِ مُسَلِّماًإِيَّاهُ إِلَى أَرْبَعَةِ أَرَابِعَ مِنَ الْعَسْكَرِ
لِيَحْرُسُوهُ نَاوِياً أَنْ يُقَدِّمَهُ بَعْدَ الْفِصْحِ إِلَى الشَّعْبِ. فَكَانَ
بُطْرُسُ مَحْرُوساًفِي السِّجْنِ وَأَمَّا الْكَنِيسَةُ فَكَانَتْ تَصِيرُ
مِنْهَا صَلاَةٌ بِلَجَاجَةٍ إِلَى اللهِ مِنْ أَجْلِهِ. وَلَمَّا كَانَ
هِيرُودُسُ مُزْمِعاً أَنْ يُقَدِّمَهُ كَانَ بُطْرُسُ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ
نَائِماً بَيْنَ عَسْكَرِيَّيْنِ مَرْبُوطاً بِسِلْسِلَتَيْنِ وَكَانَ قُدَّامَ
الْبَابِ حُرَّاسٌ يَحْرُسُونَ السِّجْنَ. وَإِذَا مَلاَكُ الرَّبِّ أَقْبَلَ وَنُورٌ
أَضَاءَ فِي الْبَيْتِ فَضَرَبَ جَنْبَ بُطْرُسَ وَأَيْقَظَهُ قَائِلاً: «قُمْ
عَاجِلاً». فَسَقَطَتِ السِّلْسِلَتَانِ مِنْ يَدَيْهِ. وَقَالَ لَهُ الْمَلاَكُ:
«تَمَنْطَقْ وَالْبَسْ نَعْلَيْكَ». فَفَعَلَ هَكَذَا. فَقَالَ لَهُ: «الْبَسْ
رِدَاءَكَ وَاتْبَعْنِي». فَخَرَجَ يَتْبَعُهُ وَكَانَ لاَ يَعْلَمُ أَنَّ الَّذِي
جَرَى بِوَاسِطَةِ الْمَلاَكِ هُوَ حَقِيقِيٌّ بَلْ يَظُنُّ أَنَّهُ يَنْظُرُ
رُؤْيَا. فَجَازَا الْمَحْرَسَ الأَوَّلَ وَالثَّانِيَ وَأَتَيَا إِلَى بَابِ
الْحَدِيدِ الَّذِي يُؤَدِّي إِلَى الْمَدِينَةِ فَانْفَتَحَ لَهُمَا مِنْ ذَاتِهِ
فَخَرَجَا وَتَقَدَّمَا زُقَاقاً وَاحِداً وَلِلْوَقْتِ فَارَقَهُ الْمَلاَكُ.
فَقَالَ بُطْرُسُ وَهُوَ قَدْ رَجَعَ إِلَى نَفْسِهِ: «الآنَ عَلِمْتُ يَقِيناً أَنَّ
الرَّبَّ أَرْسَلَ مَلاَكَهُ وَأَنْقَذَنِي مِنْ يَدِ هِيرُودُسَ وَمِنْ كُلِّ
انْتِظَارِ شَعْبِ الْيَهُودِ».} ( أع 4:12-11). الإيمان منح القديس بطرس السلام
وهو في السجن وهو الذى أنقذه من الموت وهذا ما دعاه أن يثق في رعاية سيده له حتى
عندما قدموا للمحاكمة وأمروه أن لا يجاهر بالإيمان أو يبشر باسم الرب يسوع المسيح
قال لهم ينبغي أن يطاع الله أكثر من الناس{ ثُمَّ جَاءَ وَاحِدٌ وَأَخْبَرَهُمْ قَائِلاً: هُوَذَا
الرِّجَالُ الَّذِينَ وَضَعْتُمُوهُمْ فِي السِّجْنِ هُمْ فِي الْهَيْكَلِ
وَاقِفِينَ يُعَلِّمُونَ الشَّعْبَ». حِينَئِذٍ مَضَى قَائِدُ الْجُنْدِ مَعَ
الْخُدَّامِ فَأَحْضَرَهُمْ لاَ بِعُنْفٍ لأَنَّهُمْ كَانُوا يَخَافُونَ الشَّعْبَ
لِئَلاَّ يُرْجَمُوا. فَلَمَّا أَحْضَرُوهُمْ أَوْقَفُوهُمْ فِي الْمَجْمَعِ. فَسَأَلَهُمْ
رَئِيسُ الْكَهَنَةِ: «أَمَا أَوْصَيْنَاكُمْ وَصِيَّةً أَنْ لاَ تُعَلِّمُوا
بِهَذَا الاِسْمِ؟ وَهَا أَنْتُمْ قَدْ مَلأَتُمْ أُورُشَلِيمَ بِتَعْلِيمِكُمْ
وَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْلِبُوا عَلَيْنَا دَمَ هَذَا الإِنْسَانِ». فَأَجَابَ
بُطْرُسُ وَالرُّسُلُ: «يَنْبَغِي أَنْ يُطَاعَ اللهُ أَكْثَرَ مِنَ النَّاسِ. إِلَهُ
آبَائِنَا أَقَامَ يَسُوعَ الَّذِي أَنْتُمْ قَتَلْتُمُوهُ مُعَلِّقِينَ إِيَّاهُ
عَلَى خَشَبَةٍ. هَذَا رَفَّعَهُ اللهُ بِيَمِينِهِ رَئِيساً وَمُخَلِّصاً لِيُعْطِيَ
إِسْرَائِيلَ التَّوْبَةَ وَغُفْرَانَ الْخَطَايَا. وَنَحْنُ شُهُودٌ لَهُ
بِهَذِهِ الأُمُورِ وَالرُّوحُ الْقُدُسُ أَيْضاً الَّذِي أَعْطَاهُ اللهُ
لِلَّذِينَ يُطِيعُونَهُ».} ( أع 25:5-32). علينا أن نتمثل بابائنا الرسل ولنكن
شجعان في الحق ونثق في الله في كل الظروف الصعبة التي تمر بنا فلا يوجد ما يرهب
ذاك الذي يخاف الله، وإنما تحل كل المخاوف على البعيدين عنه والمقاومين لله.
فعندما يتخلص إنسان من أهوائه، ويحسب كل الأمور الحاضرة كظلٍ، أي شيء يكون مخيفًا
بالنسبة له؟ ممن يخاف؟ إلى من يحتاج أن يتوسل؟ لنلجأ إلي المسيح صخر الدهور ومانح
السلام وحتى الأمور التي يظن البعض أنها
تسبب قلقًا تصير مصدر كل سلام وفرحٍ وبهجة لنا.
+ الإيمان صانع المعجزات
إن الإيمان يرفع الإنسان إلى أعلى درجات النجاح ويفجر فينا الطاقات
الكامنة وقوى غير مألوفة للبشر بعمل نعمة الله الغنية وقدرته الإلهية وهذا ما حدث
مع بطرس بالذات، عندما فعل شيئًا من المستحيل أن يفعله مخلوق بشري غيره، لقد رأى
المسيح ماشيًا على الماء، وكان المنظر أمامه مثيرًا وعجيبًا ومذهلا، فلماذا لا
يفعل مثلما فعل سيده، ولماذا لا يرتفع بمعونة سيده، وعلى مثاله، ليفعل الشيء الذي
لا يجرؤ آخر على تقليده ومحاكاته؟ ورغم تعثر بطرس فوق الماء، إلا أن الإيمان
بالمسيح علمه أن يكون متشبهاً بسيده، ويكفي أن نذكر أنه كان مع سيده عند إقامة
ابنة يايرس وأنه دخل إلى غرفة الصغيرة مع يعقوب ويوحنا وأبويهما، ورأى المسيح وهو
يمد يده ليقول لها {طليثا قومي} (مر 5: 41) ومرت سنوات على هذا المشهد الذي ترك
أثره العميق في نفسه، ودعى هو إلى يافا ليرى مشهدًا مماثلاً، لفتاة قد ماتت، وهي
تلميذة للرب، وإذا به يفعل ذات الشيء مع فارق وحيد أنه جثا على ركبتيه، لأنه أقل
من سيده العظيم { فقام بطرس وجاء معهما فلما وصل صعدوا به الى العلية فوقفت لديه جميع
الارامل يبكين ويرين اقمصة وثيابا مما كانت تعمل غزالة وهي معهن. فاخرج بطرس
الجميع خارجا وجثا على ركبتيه وصلى ثم التفت الى الجسد وقال يا طابيثا قومي ففتحت
عينيها ولما ابصرت بطرس جلست. } (أع 9: 39،40). طلب القديس بطرس خروج الجميع، فإنه
لم يطلب مديح من إنسان ولا مجد باطل من العالم. فقد جاء لا لكي يستعرض إمكانياته
وقدراته، بل ليمارس حنوه الداخلي في الرب. أراد أن يتحدث مع الله مخلصه في هدوءٍ،
بعيدًا عن الضجيج. قدم صلاة بروح تقوي وفي خشوع، يطلب عون لله، يعلن خضوعه كخادمٍ
للرب، وليس كما أقام السيد المسيح لعازر بسلطانه الإلهي. لقد كانت كلمات بطرس الرسول هي كلمات السيد المسيح. فقد نطق الرسول بطرس (أع 9: 40) بذات
كلمات الرب (مت 5: 5).
+ هكذا كان الله يصنع علي يدى الرسل والقديس بطرس الرسول الآيات والعجائب {
وَجَرَتْ عَلَى أَيْدِي الرُّسُلِ آيَاتٌ وَعَجَائِبُ كَثِيرَةٌ فِي الشَّعْبِ.
وَكَانَ الْجَمِيعُ بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ فِي رِوَاقِ سُلَيْمَانَ. وَأَمَّا الآخَرُونَ
فَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْهُمْ يَجْسُرُ أَنْ يَلْتَصِقَ بِهِمْ لَكِنْ كَانَ
الشَّعْبُ يُعَظِّمُهُمْ. وَكَانَ مُؤْمِنُونَ يَنْضَمُّونَ لِلرَّبِّ أَكْثَرَ
جَمَاهِيرُ مِنْ رِجَالٍ وَنِسَاءٍ. حَتَّى إِنَّهُمْ كَانُوا يَحْمِلُونَ
الْمَرْضَى خَارِجاً فِي الشَّوَارِعِ وَيَضَعُونَهُمْ عَلَى فُرُشٍ وَأَسِرَّةٍ
حَتَّى إِذَا جَاءَ بُطْرُسُ يُخَيِّمُ وَلَوْ ظِلُّهُ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ. وَاجْتَمَعَ
جُمْهُورُ الْمُدُنِ الْمُحِيطَةِ إِلَى أُورُشَلِيمَ حَامِلِينَ مَرْضَى
وَمُعَذَّبِينَ مِنْ أَرْوَاحٍ نَجِسَةٍ وَكَانُوا يُبْرَأُونَ جَمِيعُهُمْ.} ( أع
12:5-16). كهذا نري عمل الله الذي لا يُحد بمكانٍ معين ومعجزاته التي تتبع
المؤمنين باسمه فاينما حلّ أولاد الله يتقدس الموضع بروح الله الساكن فيهم
ليمارسوا عمل الله ويتمم الله وعده لتلاميذه أن باسمه يتممون العجائب التي يعملها
وأعظم منها (يو ١٤: ١٢). فما فعله السيد أن المرأة نازفة الدم لمست هدب ثوبه فشُفيت،
لأن قوة قد خرجت منه (مت ٩: ٢٠). أما بالنسبة لبطرس فوهبه السيد المسيح أن بظله
يشفي الذين يرقدون في الشوارع على فرش وأسرة مرضى. ما فعله السيد كان بقوته
وسلطانه، أما ما تحقق ببطرس وغيره من الرسل فكان باسم يسوع الناصري. حقًا إنه
لحساب مجد المسيح تمت المعجزات الأعظم. وهكذا راينا بطرس يقيم المقعد علي باب
الجميل خارج الهيكل { فقال بطرس ليس لي فضة ولا ذهب ولكن الذي لي فاياه اعطيك باسم
يسوع المسيح الناصري قم وامش. وامسكه بيده اليمنى واقامه ففي الحال تشددت رجلاه و
كعباه.} ( أع 6:3-7). أننا نصلي ليقوى الله إيماننا به ويكون لنا فكر المسيح
ونقتدي به في حياتنا وننال منه سلامنا وسط
ظروف الحياة المختلفة ويحل بسلامه في قلوبنا وسفينة حياتنا وبيوتنا وبلادنا
ويقودنا في موكب نصرته الي بر الإيمان والأمان.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق