نص متحرك

♥†♥انا هو الراعي الصالح و الراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف يو 10 : 11 ♥†♥ فيقيم الخراف عن يمينه و الجداء عن اليسار مت32:25 ♥†♥ فلما خرج يسوع راى جمعا كثيرا فتحنن عليهم اذ كانوا كخراف لا راعي لها فابتدا يعلمهم كثيرا مر 34:6 ♥†♥ و اما الذي يدخل من الباب فهو راعي الخراف يو 2:10 ♥†♥

الأربعاء، 29 يوليو 2020

القديس بولس الرسول - 4- لقاء الإيمان



للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى
لقاء حنانيا مع شاول ...
+ الله كأب وراعي صالح، ومحب للبشر يبادر الله بإعلان محبته لنا دائما، فقد أرسل ابنه الوحيد إلى العالم لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية. هنا نرى الله يطلب من حنانيا أن يذهب ويطلب شاول الطرسوسي، ولا ينتظر كي يأتي إليه شاول. و يليق بخادم الله أن يبادر أيضا بالحب، ويبحث عن النفوس الضالة ويطلب خلاصها. كالأب الذي يركض مسرعا ليرتمي على عنق ابنه ويقبله. طلب الرب من حنانيا أن يسرع إلى شاول ليهدى من روعه ويبث فيه روح الإيمان والمحبة فقد وجد الراعي الصالح خروفه الضال وهو خائف وفاقد البصر والبصيرة وهو يبحث في غيرة لرضاء الله ولو فى تعصب وجهل مع عدم إيمان. ففى حٌلم أعلن الله لشاول الطرسوسي أن حنانيا قادمًا إليه ليضع عليه يده فيبصر قبل حضور حنانيا. كما طمأن الرب حنانيا أن شاول المضطهد للمسيحيين قد صار رجل صلاة  يترقب نعمة الله وعمله معه وهو صائم لثلاثة أيام. هكذا طمأن الله شاول الطرسوسي أنه لن يتركه في عمى بصره وبصيرته، بل يبعث إليه سفيرة ليهبه تعزيات إلهية، وينال استنارة القلب بالإيمان من خلال التوبة و الإيمان والمعمودية.
+ أعطى الله علامات واضحة لحنانيا ولشاول  فقد اختار الله شاول إناءً مختارًا ليحمل اسمه أمام أممٍ وملوكٍ وبني إسرائيل، ووهب شاول الإيمان ومعه التعب والألم كهبة { فَقَالَ لَهُ الرَّبُّ فِي رُؤْيَا: «يَا حَنَانِيَّا». فَقَالَ: «هَأَنَذَا يَا رَبُّ». فَقَالَ لَهُ الرَّبُّ: «قُمْ وَاذْهَبْ إِلَى الزُّقَاقِ الَّذِي يُقَالُ لَهُ الْمُسْتَقِيمُ وَاطْلُبْ فِي بَيْتِ يَهُوذَا رَجُلاً طَرْسُوسِيّاً اسْمُهُ شَاوُلُ. لأَنَّهُ هُوَذَا يُصَلِّي. وَقَدْ رَأَى فِي رُؤْيَا رَجُلاً اسْمُهُ حَنَانِيَّا دَاخِلاً وَوَاضِعاً يَدَهُ عَلَيْهِ لِكَيْ يُبْصِرَ». فَأَجَابَ حَنَانِيَّا: «يَا رَبُّ قَدْ سَمِعْتُ مِنْ كَثِيرِينَ عَنْ هَذَا الرَّجُلِ كَمْ مِنَ الشُّرُورِ فَعَلَ بِقِدِّيسِيكَ فِي أُورُشَلِيمَ. وَهَهُنَا لَهُ سُلْطَانٌ مِنْ قِبَلِ رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ أَنْ يُوثِقَ جَمِيعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ بِاسْمِكَ». فَقَالَ لَهُ الرَّبُّ: «اذْهَبْ لأَنَّ هَذَا لِي إِنَاءٌ مُخْتَارٌ لِيَحْمِلَ اسْمِي أَمَامَ أُمَمٍ وَمُلُوكٍ وَبَنِي إِسْرَائِيلَ. لأَنِّي سَأُرِيهِ كَمْ يَنْبَغِي أَنْ يَتَأَلَّمَ مِنْ أَجْلِ اسْمِي». فَمَضَى حَنَانِيَّا وَدَخَلَ الْبَيْتَ وَوَضَعَ عَلَيْهِ يَدَيْهِ وَقَالَ: «أَيُّهَا الأَخُ شَاوُلُ قَدْ أَرْسَلَنِي الرَّبُّ يَسُوعُ الَّذِي ظَهَرَ لَكَ فِي الطَّرِيقِ الَّذِي جِئْتَ فِيهِ لِكَيْ تُبْصِرَ وَتَمْتَلِئَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ». فَلِلْوَقْتِ وَقَعَ مِنْ عَيْنَيْهِ شَيْءٌ كَأَنَّهُ قُشُورٌ فَأَبْصَرَ فِي الْحَالِ وَقَامَ وَاعْتَمَدَ. وَتَنَاوَلَ طَعَاماً فَتَقَوَّى.} (أع 10:9-19). إن الكنيسة تدين لحنانيا بالفضل في قبول وعماد شاول وتلقينه مبادئ الإيمان المسيحي. كان حنانيا أسقفا للكنيسة في دمشق ومشهود له بالتقوى والإيمان من اليهود والمسيحيين على حد سواء، أنه صاحب أكبر دور في حياة أعظم رسول، الذي أحيا نفس شاول المنكسرة بعزاء كلماته وصلواته المملوء محبة ولطف، وشاول في أسوأ حالات بؤسه ينتظر تعليمات السماء فاقد البصر، صائماً عطشاناً مصلِّياً تائباً حزيناً. وبقدر ما ظهر حنانيا هكذا فجأة عظيماً متألِّقاً بدوره المميَّز، بقدر ما تواري دوره  بعد أن رافق حنانيا بولس مدة إقامته في دمشق وكان دليلا له في دخوله وخروجه وخدمته مع التلاميذ وتسامى هذا القديس في الفضائل ولا سيما الوداعة والغيرة على التبشير بالسيد المسيح وقد اجرى الله على يديه آيات كثيرة فآمن ببشارته كثيرون . فألقى ليكينيوس الوالي القبض على القديس حنانيا وعذبه بعذابات كثيرة كالحرق والجلد بأعصاب البقر وأخيرا أخرجه خارج المدينة وأمر برجمه بالحجارة حتى فاضت روحه الطاهرة ونال إكليل الشهادة.
+ يؤكد القديس بولس صدق دعوته ورسوليته فقد دعي من الله لا من الناس ولا بواسطة إنسان ما بل من المسيح يسوع ربنا { بولس رسولٌ لا من الناس ولا بإنسان، بل بيسوع المسيح والله الآب الذي أقامه من الأموات }(غل 1:1)، ويعلن أنه تقبَّل الإنجيل باعلان من الله وآمن بمحبة الله الآب في أبنه بالروح القدس لاختياره حتى وهو في بطن أمّه { ولكن لمَّا سَرَّ الله الذي أفرزني من بطن أمي ودعاني بنعمته أن يعلن ابنه فيَّ لأُبشِّر به بين الأمم} (غل 1: 19). حمل شاول الصليب مبشرا بربنا يسوع المسيح المصلوب من أجل خطايانا والقائم من أجل تبريرنا وأفتخر بصليبه  { وأما من جهتي فحاشا لي ان افتخر الا بصليب ربنا يسوع المسيح الذي به قد صلب العالم لي وأنا للعالم }(غل 6 : 14). واتخذ آلامه الكثيرة فرصة للافتخار فقد تألَّم لتنمو الكنيسة واضطُهِد لتمتد وعاني ليربح ويخلص علي كل حال قوماً ولمَّا وجد أن آلامه تؤال إلى مجد الكنيسة رايناه يقول { الآن أفرح في آلامي لأجلكم وأكمِّل نقائص شدائد المسيح في جسمي لأجل جسده الذي هو الكنيسة. } (كو 24:1). وعاش القديس بولس يفرح بالمسيح حتى وسط الألم ويقول { افرحوا في الرب كل حين واقول ايضا افرحوا }(في 4 : 4). { بل كما اشتركتم في الام المسيح افرحوا لكي تفرحوا في استعلان مجده ايضا مبتهجين} (1بط 4 : 13)
+  أن  السيد المسيح الذي اختار رسله أثناء خدمته على الأرض هو نفسه الذي اختار شاول رسولاً له بعد صعوده وهو أمس واليوم وإلى الأبد يختارنا لنكون قديس بلا لوم أمامه في المحبة {لستم أنتم اخترتموني، بل أنا اخترتكم} (يو 15: 16). لقد أرسل الرب حنانيا إلى شاول، ليقدم له كل عونٍ ممكنٍ كإناء مختار وأداة للبناء في ملكوت الله علي الأرض. اعلن الرب اختياره لبولس ليكون رسولاً للأمم، يحمل في داخله كنز الإنجيل ليقدمه للكثيرين. حقا إنه إناء خزفي (2 كو 4: 7). لكن يحمل اسم أسم المسيح أمام الأمم ويعلن عن معرفة المسيح الفائقة والبشارة المفرحة للأمم الوثنية. يشهد للسيد المسيح أمام ملوك، مثل الملك اغريباس وقيصر نفسه (أع 25: 23؛ 26: 32؛ 27: 24). وأيضا أمام بني إسرائيل، فإنه حيثما ذهب يبدأ كرازته في مجامع اليهود حتى يطردوه فيذهب إلى الأمم. كما شجع الرب حنانيا، مؤكدًا له أنه سيريه ليس فقط أنه سيكف عن عداوته للكنيسة واضطهاده لها، بل يجد مسرته في قبوله الاضطهاد من أجلها بفرحٍ. وأينما حلّ القديس بولس كانت تلاحقه المتاعب والضيقات من محاكمات ومقاومة، فيجد فيها شركة مع المصلوب { لاعرفه وقوة قيامته وشركة الامه متشبها بموته} (في 3 : 10). بل ويحسب الالم هبة { لأنه قد وهب لكم لأجل المسيح لا أن تؤمنوا به فقط بل ايضا ان تتألموا لاجله} (في 1 : 29). حمل القديس بولس بشارة ملكوت الله أينما حل وكان خير سفيراً للسماء علي الأرض.
+ بولس الرسول المتعبد في الصحراء..
 شاول الذي المولود سنة 2 ميلادية والذي آمن واعتمد فى 35م. وتسمي باسم بولس أي الصغير، أحتاج الي ان يمكث لما يقرب من ثلاث سنوات فى الصحراء العربية ما بين 35م. الي 37م. ليعيد التأمل فى كل شئ، بعد أن سقطت القشور عن عينيه { ولا صعدت إلى أورشليم الى الرسل الذين قبلي بل انطلقت الى العربية ثم رجعت ايضا الى دمشق } (غل 1 : 17). وكانت الصحراء العربية في الشام تمتد تخومها من حول دمشق حتى خليج العقبة. لقد كان بولس محقا في خلوته الروحية في البادية ليجلس مع نفسه ويحاسبها ويعاتبها ويصحح مسيرتها. نحن نحتاج لاسيما فى المواقف الصعبة والقرارات المصيرية التي الخلوة والوجود في حضرة الرب. وهذا ما فعله القديس بولس لكي يراجع حياته برمَّتها، ويحيا إيمانه الجديد ويراجع ما تعلَّمه واستلمه وتربَّى عليه، وكما قال تغيروا عن شكلكم { تغيروا عن شكلكم بتجديد اذهانكم لتختبروا ما هي ارادة الله الصالحة المرضية الكاملة } (رو 12 : 2). كان لابد أن يختبر إرادة الله ويتغير حسب محبة الله الآب المعلنة في أبنه يسوع المسيح ربنا وتعاليمه ووفق نعمة الله الغنية وعمل الروح القدس وثماره ومواهبه السمائية.
+  انطلق شاول على خطى إيليا ويوحنا المعمدان صوب الصحراء ليتقوى وينمو في الروح لخدمة الطريق الطويل الذي سينتهى به شهيدا خارج روما القديمة. عمل في البادية وسط البدو في صنع الخيام من صوف الغنم ووبر المعيز وبشر وكرز بين الأنباط والقبائل التي هناك  وعلى مدى ثلاثة سنوات، قضى الأيام في البحث والتقصي والعمل والكرازة. تعامل مع أهل البادية فكان يأخذ منهم الأصواف ويغزلها ووثقوا به وكانوا يسألونه عن سر خلوته فى الصحراء فيحكي لهم خبر اهتدائه وإيمانه بالمسيح. قضى بولس الليالي ساهرا متأملاً مصلياً.  تلك الأيام التي ساهمت بقوة في تشكيل فكره العميق في قيادة الروح القدس وثقلتها بعد ذلك الخدمة والخبرة العملية في حقل الرب يوماً بعد يوم، كان يعمل ويصلي ويتعلم ويعلم ويتتلمذ علي السيد المسيح وتعاليمه { مَبْنِيِّينَ عَلَى أَسَاسِ الرُّسُلِ وَالأَنْبِيَاءِ، وَيَسُوعُ الْمَسِيحُ نَفْسُهُ حَجَرُ الزَّاوِيَةِ،.الَّذِي فِيهِ كُلُّ الْبِنَاءِ مُرَكَّباً مَعاً يَنْمُو هَيْكَلاً مُقَدَّساً فِي الرَّبِّ. الَّذِي فِيهِ أَنْتُمْ أَيْضاً مَبْنِيُّونَ مَعاً، مَسْكَناً لِلَّهِ فِي الرُّوحِ.}( أف 20:2-22). منح الله لبولس بالروح القدس العيون المفتوحة للفهم والوعي للقراءة الصحيحة للعهد القديم في ضوء حياة وتعاليم وموت وقيامة السيد المسيح كتحقيق وتكميل لنبؤات ورموز العهد القديم و شرائعه و ذبائح العهد القديم. وكانت فترة تعبده في الصحراء فرصة ذهبية للدراسة والمعرفة، وإدراك كلمة اللّه بالبصيرة الروحية فخرج إلى العالم والتاريخ والأجيال بالكرازة النارية والرسائل الروحية الذهبية المكتوبة بوحي من الروح القدس الذى دعاه وقادة طوال ما يزيد عن ثلاثة عقود في جولات تبشيرية يؤسس فيها الكنائس و يبشر بإنجيل الخلاص.
 خدمة الإيمان في دمشق...
+ رجع شاول بعد خلوة البرية بقوة منقاداً بالروح إلى دمشق وكان يحاجج اليهود أن يسوع هو المسيح أبن الله الذي صلبتموه وقام من الأموات ونحن شهود له. صار بولس شاهداً بقيامة المسيح الذي كلَّمه من السماء عياناً { لأني لهذا ظهرت لك لأنتخبك خادماً وشاهداً بما رأيت وبما سأَظْهَر لك به} (أع 16:26). كان للمسيح  ظهورات أخرى لشاول تعلَّم منها معرفة المسيح بتعمق ونمو مستمر، فَعَلى قَدْر نمو قامة بولس بالروح كان يُسكَب عليه المزيد من الاستعلان. لأن معرفة المسيح تزداد عند الذين يطلبونه. وها هو بولس يختط نفس الطريق ليصل إلى أن كل الكتب تحقق أن يسوع هو المسيح. هاج علي بولس اليهود وغير المؤمنين في دمشق وبلغت الأخبار إلى الحارث والي دمشق فعزم علي قتله ولكن الله  خلصه لرسالة سامية عليه أن يقوم بها لنشر الإيمان { لتفتح عيونهم كي يرجعوا من ظلمات الى نور ومن سلطان الشيطان الى الله حتى ينالوا بالايمان بي غفران الخطايا ونصيبا مع المقدسين } (اع 26 : 18). والقصة رواها القديس  بولس بالتفصيل في رسالته الثانية إلى كورنثوس { في دمشق والي الحارث "أريتاس" الملك كان يحرس مدينة الدمشقيين يريد أن يمسكني، فتدلَّيت من طاقة في زنبيل من السور ونجوت من يديه.} (2كو 32:11و33) هذا الحارث الملك يُدعى أريتاس الرابع (9 ق.م - 40 م) كان يحكم بلاد النبطيين وعاصمتها بترا التي أمضى فيها بولس خلوته في البرية، وقد شق علي الوالي ومن معه تبشير بولس بالمسيح وأغضبه واتفق معه في ذلك يهود دمشق، فاتفق الوالي مع اليهود وأمر بحراسة أبواب المدينة حتى يقبض عليه. فتم تهريب بولس من أسوار دمشق من قبل الكنيسة ليواصل عمله الكرازي علي مدى ثلاثة عقود.


ليست هناك تعليقات: