نص متحرك

♥†♥انا هو الراعي الصالح و الراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف يو 10 : 11 ♥†♥ فيقيم الخراف عن يمينه و الجداء عن اليسار مت32:25 ♥†♥ فلما خرج يسوع راى جمعا كثيرا فتحنن عليهم اذ كانوا كخراف لا راعي لها فابتدا يعلمهم كثيرا مر 34:6 ♥†♥ و اما الذي يدخل من الباب فهو راعي الخراف يو 2:10 ♥†♥

الخميس، 16 يوليو 2020

مع الآباء الرسل القديسين (17) 8- القديس متى الإنجيلي البشير



للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى

+ متى والتلمذة للسيد المسيح...

اسم متي وباليونانية ثيودور أو تواضروس بمعني (عطيه الله) كان عشارا وله اسم اخر هو لاوي واسم ابيه حلفي رأه السيد المسيح جالسا عند مكان الجباية حيث كان يعمل عشاراً يجبي الضرائب لحساب الرومان المحتلين للأراضي المقدسة في ذلك الزمان، وقد كان العشارين مكروهين من اليهود ومشهورين بمحبة المال وقد دعاه الرب من مكان عمله في الجباية فغيره بكلمة واحدة فاطاع وتبع المخلص { وَفِيمَا يَسُوعُ مُجْتَازٌ مِنْ هُنَاكَ رَأَى إِنْسَاناً جَالِساً عنْدَ مَكَانِ الْجِبَايَةِ اسْمُهُ مَتَّى. فَقَالَ لَهُ: «أتْبَعْنِي». فَقَامَ وَتَبِعَهُ. وَبَيْنَمَا هُوَ مُتَّكِئٌ فِي الْبَيْتِ إِذَا عَشَّارُونَ وَخُطَاةٌ كَثِيرُونَ قَدْ جَاءُوا وَاتَّكَأُوا مَعَ يَسُوعَ وَتَلاَمِيذِهِ. فَلَمَّا نَظَرَ الْفَرِّيسِيُّونَ قَالُوا لِتَلاَمِيذِهِ: «لِمَاذَا يَأْكُلُ مُعَلِّمُكُمْ مَعَ الْعَشَّارِينَ وَالْخُطَاةِ؟». فَلَمَّا سَمِعَ يَسُوعُ قَالَ لَهُمْ: «لاَ يَحْتَاجُ الأَصِحَّاءُ إِلَى طَبِيبٍ بَلِ الْمَرْضَى. فَاذْهَبُوا وَتَعَلَّمُوا مَا هُوَ: إِنِّي أُرِيدُ رَحْمَةً لاَ ذَبِيحَةً لأَنِّي لَمْ آتِ لأَدْعُوَ أَبْرَاراً بَلْ خُطَاةً إِلَى التَّوْبَةِ».} (مت  9 :  9-13). يروي لنا الإنجيلي متّى بنفسه قصة دعوته لتبعيّة المسيح في كلمات مختصرة: {وفيما يسوع مجتاز من هناك، رأى إنسانًا جالسًا عند مكان الجباية اسمه متّى، فقال له: اتبعني، فقام وتبعه} ( مت 9:9). كانت كلمة من السيّد المسيح: "اتبعني"، قادرة أن تفك رباطات الخطية وتسحب قلبه إلى السماويات، دون تردّد، وبغير حاجة إلى مشورة عائلته أو أصدقائه.  بل ودعا السيد المسيح إلى بيته وجمع زملائه  للاجتماع بالسيّد المسيح أو كما يقول الإنجيلي لوقا: { صنع له ضيافة كبيرة في بيته، والذين كانوا متكئين معهم كانوا جمعًا كثيرًا من عشّارين وآخرين} (لو 5: 29). فمتى تقبّل الإنسان نعمة الله الغنيّة يتحرّر القلب من مكان الجباية حيث دفاتر الحسابات والمال، لا ليعيش في عوزٍ، وإنما ليتقبّل السيّد المسيح نفسه سرّ شبعه وغناه. يقول الرسول بولس: {إنكم في كل شيء استغنيتم فيه} (1 كو 1: 5). يتحوّل القلب من الهم والقلق إلى الهدوء والسلام والاتكال على الله. السيد المسيح هو بذاته سرّ غنى المؤمن.  وفي الظاهر متى هو الذي صنع الوليمة، لكن بالحق هي وليمة السيّد الذي يفرح بجنّته المثمرة في قلوب طالبيه، فيدعو الخطاة والعشّارين ليذوقوا هذا الثمر المفرح. ندعو الآخرين يأكلون معه { ذوقوا وانظروا ما أطيب الرب طوبى للرجل المتوكل عليه} (مز  34 :  8). وأن تذمر البعض قائلين: لماذا يأكل معلّمكم مع العشّارين والخطاة؟ فيجيبهم الرب نفسه مدافعا عنا  {لا يحتاج الأصحّاء إلى طبيب بل المرضى. فاذهبوا وتعلّموا ما هو، إني أريد رحمة لا ذبيحة، لأني لم آت لأدعو أبرارًا، بل خطاة إلى التوبة} ( مت 12:9). يدخل الي وليمة الرب الخطاة والعشّارون الذين يشعرون بالحاجة إلى المخلّص لكي يبرّرهم، بينما يقف المتكبرين والفرّيسيّون خارجًا فمن يدعون أنفسهم أبرارًا تبعد عنهم النعمة. القديس متى البشير يعرف جيّداً ما فعلته به رحمة الله وأن الإيمان هذا هو "عطية الله". وهذا ما يبرّر دعوة القديس متى لأصحابه من العشّارين الخطأة إلى العشاء، فرحمة الله تدعو  الجميع للتوبة والخلاص. لهذا نرى القديس متى هو الوحيد الذي أورد قول الرب يسوع المسيح  { إن العشارين والزواني يسبقونكم إلى ملكوت الله} (مت 31:21). التوبة تحول الخطاة إلى قديسين وتجعل لهم ميراثاً ونصيباً في ملكوت الله.
+ متى الإنجيلي البشير وبشارته...
كتب القديس متى الرسول إنجيله بالروح القدس لليهود خاصة وللأمم كرسالة الرب ووصيته لتلاميذه القديسين { فاذهبوا وتلمذوا جميع الامم وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس. وعلموهم ان يحفظوا جميع ما اوصيتكم به وها أنا معكم كل الايام الى انقضاء الدهر امين} (مت 19:28-20). وكتب القدّيس متّى باللغة العبرية لبني جنسه خاصة الذين كانوا لا يزالوا ينتظرون المسيّا الملك الذي يُقيم مملكة تسيطر على العالم. الكاتب يهودي تتلمذ للسيّد المسيح يكتب لإخوته اليهود ليُعلن لهم أن المسيّا المنتظر قد جاء، مصحّحًا مفهومهم للملكوت، ناقلاً إيّاهم من الفكر المادي الزمني إلى الفكر الروحي السماوي. أوضح القديس متّى الإنجيلي بطريقة عميقة العلاقة الأكيدة بين المسيحيّة والعهد القديم، موضّحًا كيف أن نبوّات العهد القديم  تحقّقت روحيًا في المسيح يسوع ربنا. لقد أشار إلى حوالي 60 نبوّة من العهد القديم، كما تكرّرت كلمة الملكوت حوالي 55 مرّة، وذُكر السيّد المسيح كابن لداود ثمان مرّات، معلنًا أنه الموعود به مخلصاً. ويستعمل التعبيرات المفضّلة عند اليهود كدعوة أورشليم بالمدينة المقدّسة (4: 5؛ 27: 52-53)، والهيكل بالمكان المقدّس (24: 15). يتحدّث عن أركان العبادة اليهودية أي الصدقة والصلاة والصوم (6: 1-8، 16-18)، وعن واجبات الكهنة في الهيكل (12: 5) وضريبة الهيكل (17: 24-27)، والعشور (23: 23) وغسل الأيدي علامة التطهير من الدم (مت 27: 24). وأوضح أن السيّد لم يأتِ يحتقر العهد القديم، بل ليدخل به إلى كمال غايته، من جهة الناموس والوصيّة وتحقيق ما جاء به من وعود خاصة بالخلاص. هذا التحقيق لم يتمّ فقط خلال تعاليم السيّد المسيح، وإنما أيضًا خلال شخصه كمخلّصٍ وفادٍ. هذا ما دفع بعض الدارسين إلى التطلّع إلى هذا الإنجيل دراسة مسيانية تكشف عن إعلان السيّد المسيح المخفي في العهد القديم. ويرى غالبيّة الدارسون أن إنجيل متى كُتب بعد إنجيل معلّمنا مرقس الرسول ببضع سنوات، وقبل خراب الهيكل اليهودي حيث يتحدّث عنه كنبوّة لا كواقعة قد تمت. لهذا يعتقد أنه كتب في الربع الثالث من القرن الأول. وقد كرّر كلمة "ابن داود" لتأكيد أن "المسيّا" هو الملك الخارج من سبط يهوذا ليملك، لكن ليس على نفس المستوى الذي ملكوا به في أرض الموعد، إنّما هو ملكوت سماوي (مت13: 43؛ 25: 34). حقًا لقد كان اليهود ينتظرون بحمية شديدة مجيء المسيّا المخلّص ليملك. وقد جاء وملك لكن ليس بحسب فكرهم المادي.
الجانب الدفاعي لإنجيل متى...
يحمل هذا الإنجيل جانبًا دفاعيًا عن السيّد المسيح، فلم تقف رسالته عند تأكيد أن فيه تحقّقت نبوّات العهد القديم، وإنما دافع عن المسيحية ضد هجمات اليهود، لهذا تحدّث بوضوح عن ميلاده من عذراء، ودافع الملاك عنها أمام خطيبها، وروى تفاصيل قصّة القيامة والرشوة التي دفعوها للجند. كما أن لإنجيل متى هدف ليتورجي، فكتب لتُقرأ فصوله أثناء العبادة المسيحيّة. وقد اعتمد في ذلك على ما اتسم به الإنجيل من وضوح واختصار ومطابقات وتوازن في اللغة. وقد استخدم هذا الإنجيل في الاقتباسات الواردة في كتابات الكنيسة الأولى أكثر من غيره. ولعلّ كتابة الموعظة على الجبل بطريقة تفصيليّة كدستور للحياة المسيحيّة كان له أثره على المؤمنين. وفى دفاع القديس متّى الإنجيلي عن إيمانه المسيحي لم يغفل عن مصارحة اليهود بأخطائهم، فيقول عن قائد المائة الروماني: { لم أجد ولا في إسرائيل إيمانا بمقدار هذا، وأقول لكم إن كثيرين سيأتون من المشارق والمغارب ويتّكئون مع إبراهيم واسحق ويعقوب في ملكوت السماوات، وأما بنو الملكوت فيُطرحون إلى الظلمة الخارجيّة} (مت 8: 10، 12). وقوله: { ابن الإنسان يُسلّم إلى رؤساء الكهنة والكتبة، فيحكمون عليه بالموت} (مت 20: 18)، وأيضًا: { ملكوت الله ينزع منكم ويعطي لأمّة تعمل أثماره} (مت 21: 43). منتقدًا تفسيرهم الحرفي لحفظ السبت (مت 12: 1-13)، واهتمامهم بالمظهر الخارجي للعبادة (مت6: 2، 5، 16)، وانحرافهم وراء بعض التقاليد المناقضة للوصيّة (مت 15: 3-9)، مؤكدًا لالتزامهم بالوصايا الشريعيّة حتى تلك التي ينطق بها الكتبة والفرّيسيّون مع نقده الشديد لريائهم (ص23) . وإن كان هذا الإنجيل قد حمل جوًا يهوديًا أكثر من غيره من الأناجيل لكنّه يشرح لغير اليهود من الأمم المصطلحات والأماكن اليهودية غير المعروفة لهم، فيشرح له بعض الألفاظ المعروفة لدى اليهود كقوله: { عمانوئيل الذي تفسيره الله معنا} (مت 1: 23)، { موضع يقال له جلجثّة، وهو المُسمّى موضع الجمجمة} (مت 27: 33). وشرح بعض النواحي الجغرافيّة، كقوله: { وأتى وسكن في كفرناحوم التي عند البحر في تخوم زبولون ونفتاليم} (مت 4: 13). وشرح لغير اليهود المعتقدات التي يعرفها اليهودي مثل: { جاء إليه صدّيقيّون، الذين يقولون ليس قيامة} (مت 22: 23)، وأيضًا عادات يهوديّة مثل { كان الوالي معتادًا في العيد أن يطلق لهم أسيرًا واحدًا من أرادوه} (مت 27: 15). وانطلق بفكره إلى رسالة الإنجيل الجامعة لكل الأمم معلنًا ظهور إسرائيل الجديد الذي لا يقف عند الحدود الضيقة. فقد ورد في نسب السيّد أمميّات غريبات الجنس، وكتب زيارة الطفل يسوع مع العائلة المقدسة إلى مصر كملجأ له، معلنًا احتضان الأمم لملكوت الله ( مت 2: 13).  وفي لقاءاته مع بعض الأمميّين والأمميّات كان يمدحهم معلنًا قوّة إيمانهم، وفي نفس الوقت هاجم الكتبة والفرّيسيّين في ريائهم وضيق أفقهم (23)، وفي مثل الكرم تحدّث عن تسليم الكرم إلى كرّامين آخرين (مت 21: 33)، وكأنه انطلق بهم من الفهم الضيّق المتعصّب إلى الفهم الروحي الجديد وإعلان الرسالة العظيمة الممتدة إلى جميع الأمم، حيث ختم السفر بكلمات السيّد الوداعيّة:{ اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم} (مت 28: 19). فالدعوة للإيمان بالمسيح موجهة لكل أمة ولسان وشعب وطوبي لمن يقرأ أو يسمع ويستجيب لدعوة المسيح الخلاصية ويتبعه فهو جاء ليبشر المساكين ويريح التعابي ويهب الرجاء للبائسين. جاء لتكون لنا حياة أفضل على الأرض ويكون لنا السماء بأمجادها. أمين

ليست هناك تعليقات: