للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى
القديس يوحنا الحبيب وفكره اللاهوتي :-
+ الإيمان
بالمسيح والحياة الأبدية ... كتب القديس يوحنا الحبيب خمسة أسفار
من العهد الجديد وهي إنجيل يوحنا ،وثلاثة رسائل باسمه، وسفر الرؤيا وهدف كتاباته أن نؤمن بأن يسوع
المسيح أبن الله وأن يكون لنا حياة أبدية { لتؤمنوا أن يسوع هو المسيح ابن اللَّه،
ولكي تكون لكم إذا آمنتم حياة باسمه} (31:20). فالرب يسوع المسيح هو موضوع وغاية كل
النبوات في العهد القديم، وهو ابن اللَّه الواحد معه في الجوهر، والإيمان به قادر
على تقديم الخلاص وتجديد الخلقة. القديس يوحنا الإنجيلي يدخل بالنفس إلى التعرف على الأمجاد التي أعدت
لها خلال محبة الله الآب، وعمل المسيح الخلاصي، وتعزيات الروح القدس. القديس يوحنا يكتب عن حياة وأعمال وتعاليم
ومعجزات السيد المسيح، ويكشف عن أعماقها ومفاهيمها. أنه يرفعنا إلى عالم الروح، ولا يسمح للمؤمنين أن يبقوا على
مستوى المادة، فإذ أشبع الجموع بالخبز فرحوا (26:6)، أما السيد المسيح فدعاهم إلى
الطعام الأبدي (يو 27:6). وفي في حديثه مع نيقوديموس عن الولادة الجديدة كان فكر
نيقوديموس المعلم في إسرائيل حبيس أحشاء أمه، أما السيد المسيح فرفعه لينظر بعيني
قلبه أن {المولود من الروح هو روح} (يو 1:3-6). وفي حديث السيد المسيح مع المرأة
السامرية كان فكرها حبيس الدلو المادي وبئر يعقوب والمواشى، أما السيد المسيح فرفع
قلبها إلى الينبوع الإلهي حيث يقدم لها ماءً يفجر في داخلها ينابيع مياه حيّة تجري
للحياة الأبدية.
+ إثبات لاهوت
السيد المسيح.. في إنجيل يوحنا
نراه يؤكد على حقيقة أن المسيح هو ابن الله (يو31:20). فكانت هناك هرطقات كثيرة قد
ظهرت في أواخر القرن الأول ومن أهمها الغنوسية وهؤلاء وأولئك شككوا إما في لاهوت
المسيح أو تجسده لذلك يؤكد القديس يوحنا أن
المسيح هو الكلمة وقد صار جسداً. وكذلك حدث أن تلاميذ يوحنا المعمدان الذين رفضوا
أن يتبعوا المسيح إدَّعوا أن المعمدان أعظم من المسيح لذلك يرد عليهم هنا في
إنجيله (يو8:1) لذلك ينتقي يوحنا المعجزات التي تثبت لاهوت المسيح مثل إقامة لعازر
بعد أن أنتن وتفتيح عيني الأعمى بواسطة طين " معجزة خلق" وإطعام 5000 ويذيد
من الطعام من خمس خبزات وتحويل الماء إلى
خمر فالمادة تتحول إلى مادة أخرى. أيضاً هدف كتابة الإنجيل أن تكون لنا حياة
(يو31:20) فلا حياة بدون إيمان بأن المسيح هو ابن الله المخلص. وكان هدف يوحنا
الإنجيلي الذي كتبه مسوق بالروح القدس هو إثبات لاهوت المسيح فهو لم يتكلم عن
ميلاده من العذراء بالجسد بل تكلم عن ولادته من الآب الأزلية. معظم أحداث إنجيل يوحنا
كانت في أورشليم عكس بقية الأناجيل التي دارت أحداثها في الجليل وذلك لأن يوحنا كتب
عن الأحاديث اللاهوتية التي تثبت لاهوت المسيح وهذه كانت بين المسيح والفريسيين
الموجودين في أورشليم. أما أحداث الجليل فقد دارت بين المسيح والصيادين والفلاحين
البسطاء وهؤلاء غير متعلمين لاهوتياً كالفريسيين. ولهذا يستخدم قول السيد المسيح " أنا هو " كترجمة يونانية لاسم الله في العهد القديم "يهوه" وحين
ترجم إلى اليونانية صار "إيجو إيمي" وبالانجليزية "I am" ونرى هذا في قول
المسيح أنا هو النور ، أنا هو الطريق والحق والحياة ، فالمسيح لنا كل شئ، النور
والراعي الصالح والطريق والحق والقيامة والحياة.. ولذلك حين أتى الجند لإلقاء
القبض على المسيح فسألهم من تطلبون فقالوا يسوع قال "أنا هو" فسقطوا والسبب أنه بقوله أنا هو استعلن لاهوته
فلم يحتملوا ولنلاحظ أن المسيح حين يستعلن لاهوته للمؤمنين يكون لهم كل شئ الطريق
والحق والنور ويكون سبباً لتعزيتهم وفرحهم وحياتهم الأبدية، أما للذين يجحدونه أو
يقاوموه فهو سبب دينونة وهلاك لهم.
+ شهادة الشهود
للحق ... القديس يوحنا في
كتاباته يتكلم عن لاهوت المسيح لهذا أتى
بشهادة شهود للحق ولبنوة السيد المسيح لله ولاهوته لهذا كتب عن شهادة المعمدان
(يو 15:1-16) وشهادة التلاميذ (يو 41:1) وشهادة الكتب والنبوات (يو 39:5) وشهادة الآب
للابن كما حدث يوم العماد وعن طريق أعمال الآب في الابن. بل شهدت له الجموع
والسامرية (17:12+ 39:4). القديس يوحنا يكتب أن يسوع هو المسيا المنتظر لذا نجده يقدم
لنا حديث فيلبس لنثنائيل: { وجدنا الذي كتب عنه موسى في الناموس والأنبياء} (45:1).
ودعوة أندراوس لأخيه سمعان بطرس: {قد وجدنا مسيا، الذي تفسيره المسيح} (41:1). هذه
هي الصورة المسيانية لربنا يسوع نراها منذ بداية إنجيل يوحنا. فهو المسيا الملك
الذي طال انتظار اليهود لمجيئه ففي دخول السيد أورشليم { كانوا يصرخون: أوصنا،
مبارك الآتي باسم الرب ملك إسرائيل. هذا الأمور لم يفهمها تلاميذه أولاً؛ ولكن لما
تمجد يسوع حينئذ تذكروا أن هذه كانت مكتوبة عنه} (يو 13:12-16). وأمام بيلاطس اعترف
السيد بمملكته (33:18-37)؛ وقد دين كملكٍ لليهود (3:19، 12-15، 19، 20). القديس
يوحنا وحده هو الذي أخبرنا أن الجموع طلبته لتقيمه ملكًا فانسحب من وسطهم (15:6)،
لأن فهمهم للملك المسياني كملك روحي على المؤمنين يختلف عن فهمهم المادي والسياسي
لشخصه المبارك. ومن أهداف القديس يوحنا أيضا تأكيد لاهوت السيد المسيح. فكتب قول
السيد الرب "أنا هو نور العالم"، "أنا هو الطريق والحق
والحياة"، "أنا هو القيامة والحياة "، "أنا هو الباب"،
"أنا هو الراعي الصالح"،" أنا هو نور العالم"،" انا هو
خبز الحياة" وفي الرؤيا: "أنا هو الألف والياء، البداية والنهاية، الأول
والآخر". فقدم لنا هذا السفر علاقة الابن الأزلية مع الآب، ومعنى هذه العلاقة
الفريدة في حياة المؤمنين، ودورها في خلاصهم. أراد الإنجيلي بالكشف عن شخصية السيد
المسيح كابن اللَّه الوحيد أن نؤمن به فنخلص بكونه ابن اللَّه الوحيد الجنس وإيماننا
بلاهوت السيد المسيح يمس حياتنا وخلاصنا نفسه.
+ مقاومة البدع
.... ويرى بعض الدارسين أن الإنجيلي في إنجيله قصد
مواجهة مقاومة بعض الحركات الغنوسية الهرطوقية الذين نادت باستحالة أن يأخذ الكلمة
الإلهي جسدًا حقيقيًا، لأن المادة في نظرهم شرّ. لذلك أكد الرسول في إنجيله أن
يسوع ابن اللَّه بالحقيقة قد تجسد أيضًا حقيقة، ولم يكن خيالاً، إذ يقول: {الكلمة
صار جسدًا}. فما كان يمكننا أن نتمتع بالخلاص ما لم يتحد المسيح بطبيعتنا،
ويشاركنا حياتنا الواقعية. لقد أبرز الإنجيلي السيد المسيح في عرس قانا الجليل وهو
يقوم بدور خادم الجماعة. لقد حوَّل الماء خمرًا، وهو عمل فيه خلق، لكنه قام به
خلال الخدمة المتواضعة غير منتظرٍ أن يأخذ المتكأ الأول. وعلى بئر سوخار ظهر
متعبًا وعطشانًا، وعند قبر لعازر تأثر جدًا بعمقٍ وبكى، وفي العلية غسل أقدام
التلاميذ، وعلى الصليب عطش. غاية هذا السفر الربط بين يسوع التاريخي والمسيح
الحاضر في كنيسته. محولاً الأحداث التي تمت في حياة ربنا يسوع للإعلان عن شخصه
بكونه رب المجد العامل في كنيسته.
+ كان القديس يوحنا الحبيب يحذر من الهرطقة جدًا،
ويظهر هذا الأمر واضحًا في كتاباته المليئة بالتحذير من الهراطقة. ذُكِر عنه أنه
دخل يومًا حمامًا فلما وجد فيه كيرنثوس الهرطوقي الغنوسي الذي أنكر تجسد الرب، صاح
في المؤمنين: "لا تدخلوا حيث عدو المسيح لئلا يهبط عليكم الحمام!" قال
ذلك وخرج يعدو أمامهم فخرجوا وراءه مذعورين! وقد روى هذه القصة إيريناوس على أنه
سمعها من بوليكاربوس تلميذ يوحنا الرسول نفسه. ويذكر بوليكاربوس أسقف أفسس أواخر
القرن الثاني أن يوحنا كان يضع على جبهته صفيحة من الذهب كالتي كان يحملها رئيس الكهنة
كتب عليها " قدس للرب"
+ رسائل القديس
يوحنا الإنجيلي ...
كتب القديس
يوحنا الحبيب ثلاثة رسائل جامعة وتشرح ما أورده في الإنجيل، أنه يفترض في القارئ أن يكون قد سبق له قراءة الإنجيل. ويلاحظ
وجود تشابه بين هذه الرسائل وبعضها البعض. وغايتها تقوية إيماننا بالتجسد الإلهي
وغايته وأثره فينا كمؤمنين لنثبت في محبة الله ومحبتنا لأخوتنا . لقد أحبنا الله
ووهبنا نعمة البنوة ولهذا علينا أن نسلك
كابناء الله ولا ننخدع بالمبتدعين واثقين في إيماننا المسيحي الذي يهبنا حياة السلام والمحبة والفرح للنمو فى المحبة التي يلزم أن تترجم إلى سلوك عملي في حياتنا كأولاد
للَّه يلازمه الإيمان المستقيم لأولاد
اللَّه الثابتين في النور ويجعلهم يبتعدوا عن أولاد إبليس الماكثين في الظلمة
والرافضين الابن، سواء من جهة الإيمان به عقيديًا، أو رفض عمله في حياتهم العملية.
القديس يوحنا يؤكد فى رسائله على لاهوت
الرب يسوع والتجسد الإلهي والإيمان به ليكون لنا الحياة الابدية { الذي كان من
البدء الذي سمعناه الذي رأيناه بعيوننا الذي شاهدناه ولمسته أيدينا من جهة كلمة
الحياة. فان الحياة اظهرت وقد راينا ونشهد ونخبركم بالحياة الأبدية التي كانت عند
الآب وأظهرت لنا. الذي رأيناه وسمعناه نخبركم به لكي يكون لكم أيضا شركة معنا واما
شركتنا نحن فهي مع الآب ومع ابنه يسوع المسيح.}( 1يو 1-3). واعلن لنا ان الله محبة
ومن يثبت فى المحبة يثبت فى الله والله فيه. واوصى بمحبة اخوتنا { ايها الاحباء لنحب بعضنا بعضا لان المحبة هي من
الله وكل من يحب فقد ولد من الله ويعرف الله. ومن لا يحب لم يعرف الله لان الله
محبة.}( 1يو7:4-8).
+ سفر الرؤيا
والسموات المفتوحة ...
+ كتب القديس
يوحنا سفر الرؤيا في منفاه في جزيرة بطمس بتركيا الأن حيث نفي بأمر الإمبراطور دومتيان وقد ذكر
الرسول اسمه صراحة أربع مرات في هذا السفر ولم يخفِ اسمه، وذلك لأنه يتحدث عن
نبوات. فمن أجل الثقة فيها يلزم معرفة الكاتب الذي أوحى إليه بها الله، أما
الإنجيل والرسائل الثلاث فلم يذكر اسمه فيها تواضعًا. وهو السفر النبوي الوحيد في العهد الجديد. ويتنبأ عن حقائق روحيّة
سماويّة، لا يعبر عنها بلغة بشريّة، لهذا جاءت في أعداد ورموز وألوان وتشبيهات. وقد
تحدث سفر الرؤيا عن أمور لا شأن للمؤمن أن يدرك دقائق أسرارها بالتفصيل، ولا غنى
له عن التعرف عليها أيضاً فلو عرف الأزمنة والأوقات لأصابه الخمول أو اليأس، ولو
لم يعرف ما سيتعرض له من ضيقات أثناء جهاده لأصابه يأس وقنوط. لهذا يقدم لنا سفر
الرؤيا الأحداث بالقدر الذي به يلتهب القلب غيرة ويمتليء رجاء دون أن يبحث عن
أزمنة أو أوقات أو يهتم بمجرد حب الاستطلاع للحوادث المقبلة. لهذا قال عنه البابا
ديونيسيوس السكندري: " إنه السفر الذي يحمل فكرًا يفوق إدراكي إلا إنني أجد فيه الحاوي
لفهم سري عجيب في أمور كثيرة... وبالرغم من عجزي عن فهمه غير إنني لا أزال أؤمن أن
هناك معانٍ عميقة وراء كلماته. فإنني لا أقيس عباراته ولا أحكم عليها حسب قدرة
إدراكي بل أتقبلها بالإيمان وببساطة. أنظر إليها أنها حلوة ولذيذة لفهمي. فلا أرفض
ما لا أفهمه بل بالأكثر أقف مندهشًا أمامه" .
+ عاين القديس يوحنا السماء المفتوحة وعرف عمل الله العجيب وسط
كنيسته عبر التاريخ وحتى المجئ الثاني وانقضاء الدهر وسكنى السماء . أنه السفر
المفرح الذي يرينا مستقبل المؤمنين في الأبدية والمجد العتيد أن يستعلن فينا وحياة
التسبيح والشكر لله فعبادتنا لله ليس طقوس وواجبات ووصايا بل حب وسلام وفرح في
الروح يسبي قلب المؤمن ويجعل جهادنا الروحي حلو
ورجائنا فى المسيح لا ينقطع وعشرتنا بالسمائيين تثبت ونصرتنا بالمسيح ترسخ وتسبيحنا لله لا ينقطع. من سفر الرؤيا نتعلم لغة التسبيح ونذوق أفراح
السماء ونسبح مع الكنيسة "تسبحة
موسى، وتسبحة الحمل، وتسبحه الثلاث تقديسات". وهذه وغيرها لا تكف الكنيسة عن
أن تدرب كل مؤمن على التسبيح بها. نعيش في سفر الرؤيا أمجاد السماء قدر ما تحتمل
الألفاظ أن تعبِّر ونرى جمال السماء وحجارتها الكريمة وأكاليل الذهب والثياب البيضاء.
فيتعلق المؤمن بالسماء ككنزه الحقيقي لا يقبل أن يهوى مرة أخرى إلى الأرضيّات فيبيع كل لديه ليقتني اللؤلؤة الكثيرة الثمن
+ الروح القدس
فى سفر الرؤيا يرافق النفس البشرية في طريق الأبدية، كاشفًا لحواسها الداخلية أن
ترى وتسمع وتتلامس وتتقوى حتى تبلغ إلى عريسها السماوى ويبدأ بإظهار الباب المفتوح في السماء، لنصعد
إليه بالرب يسوع الحمل القائم كأنه مذبوح. لنرى حال الكنائس السبع التي تكشف عن
مقدار الضعف البشري وقوة عمل النعمة في الكنيسة. وهنا يتقدم ربنا يسوع ليُعلن أنه
هو العلاج الوحيد لكل ضعف فينا. ويرتفع بالنفس كما بجناحيّ حمامة تجاه الأبدية في
طريق الصليب، طريق الألم، لترى الخروف يفتح "لختوم السبع، معلنًا عن حالة حرب
دائمة بين الله المهتم بأولاده والشيطان الذي لا يكف عن محاربة أولاد الله. ونسمع الأبواق
السبعة معلنة إنذارات الله تجاه البشر حتى
لا يقبلوا أضاليل إبليس، بل يكونوا مرتبطين بالرب، كما تعلن عن قوة المرأة
الملتحفة بالشمس ضد عدوّها التنين ومن يثيره الوحش فنرى الضربات السبع لتأديب
الأشرار لعلهم يتوبوا، كاشفًا عن الخراب الذي يحدق بالزانية وعُشَّاقها. وفي كل
مرة تتكشف النفس على مرارة تعم البشرية، أو ضيق ينتاب المؤمنين، للحال يظهر شخص
الرب يسوع في صورة أو أخرى يشجع ويعزي ويقوي أولاده حتى يتمموا جهادهم بسلام. حتى
يدخل الروح بالنفس إلى أورشليم السماوية لترى وتُبهر مما لا بد أن يكون من أجلها،
ما أعده الله للبشر، كما ترى بعينيها إبليس عدو البشرية منطرحًا في البحيرة
المتقدة بالنار. لهذا قال القديس يوحنا ذهبى الفم ( ألا ترون أنه ليس بدون سبب
أقول إن هذا الإنجيلي يتحدث إلينا من السماء؟ انظروا فقط في البداية عينها كيف
يسحب بها النفس، ويهبها أجنحة، ويرفع معه ذهن السامعين. فيقيمها فوق كل الأشياء
المحسوسة، أعلى من الأرض والسماء، ويمسك بيدها، ويقودها إلى أعلى من الملائكة
أنفسهم والشاروبيم والسيرافيم والعروش والسلاطين والقوات، ويحثها على القيام برحلة
تسمو فوق كل المخلوقات.)
رقاده فى الرب
... لما شعر بقرب
انتقاله من هذا العالم فى عام 100 ميلادية في عهد تراجان قيصر كما يذكر المؤرخ
يوسابيوس القيصري فى كتابه تاريخ الكنيسة . دعا القديس يوحنا إليه الشعب وناوله من
جسد الرب ودمه الأقدسين، ثم وعظهم واوصاهم ان يثبتوا علي الإيمان ثم خرج قليلا من
مدينة أفسس وأمر تلميذه وآخرين معه فحفروا له حفرة هناك. فنزل ورفع يديه وصلى ثم
ودعهم وأمرهم ان يعودوا إلى المدينة ويثبتوا الاخوة على الإيمان بالسيد المسيح
قائلا لهم: إنني برئ الآن من دمكم، لأني لم أترك وصية من وصايا الرب إلا وقد
أعلمتكم بها. والآن اعلموا أنكم لا ترون وجهي بعد. وأن الله يجازي كل واحد حسب
أعماله. ولما قال هذا رقد فى الرب فلما علم الشعب بذلك خرجوا جميعهم وبكوه بحزن
عميق وكانوا يتحدثون بعجائبه ووداعته وانه وان لم يكن قد مات بالسيف كبقية الرسل
إلا أنه قد تساوي معهم في الأمجاد السماوية لبتوليته وقداسته وكرازته وجهاده
ومحبته. عاش القديس يوحنا حتى نهاية القرن الأول، كآخر من رقد بين تلاميذ السيد
المسيح ورسله. وقد عاصر الجيل الجديد من المسيحيين، فكان حلقة الوصل بين العصر
الرسولي وبدء عصر ما بعد الرسل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق