نص متحرك

♥†♥انا هو الراعي الصالح و الراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف يو 10 : 11 ♥†♥ فيقيم الخراف عن يمينه و الجداء عن اليسار مت32:25 ♥†♥ فلما خرج يسوع راى جمعا كثيرا فتحنن عليهم اذ كانوا كخراف لا راعي لها فابتدا يعلمهم كثيرا مر 34:6 ♥†♥ و اما الذي يدخل من الباب فهو راعي الخراف يو 2:10 ♥†♥

الجمعة، 22 فبراير 2013

إبراهيم الخليل .. رجل الصلاة والعهود (2)



الأب القمص أفرايم الانبا بيشوى
+ إبراهيم رجل الصلاة ... عاش ابراهيم حياته رجل صلاة وصداقة وعشرة مع الله، يقيم المذبح اينما حل وسكن، فكانت ارضاء الله هو أهم شئ فى حياة ابراهيم. كان الله هو مرجعيته فى حياته ومعينه فى ضيقاته واليه يرفع صلاته {ثُمَّ نَقَلَ مِنْ هُنَاكَ إِلَى الْجَبَلِ شَرْقِيَّ بَيْتِ إِيلٍ وَنَصَبَ  خَيْمَتَهُ وَلَهُ بَيْتُ إِيلَ مِنَ الْمَغْرِبِ وَعَايُ مِنَ  الْمَشْرِقِ. فَبَنَى هُنَاكَ مَذْبَحاً لِلرَّبِّ وَدَعَا بِاسْمِ الرَّبِّ}(تك8:12). كان يقدم الذبائح لله ويتحدث مع الله كصديق ودعي من الله خليله اي صديقه { ابراهيم خليلي } (اش41 :8). ان تصادق انسان عظيم المقام فهذا شرف عظيم لنا، وأي شرف ناله ابراهيم عندما يقول الله عنه انه خليلي!. ان الصداقة تقتضى الموافقة فى الاراء وحلاوة الجلوس مع الاصدقاء والاعتماد عليهم فى وقت السراء والضراء. الصداقة ثقة والثقة إيمان والإيمان طاعة وحب { فامن ابراهيم بالله فحسب له برا ودعي خليل الله} (يع 2 : 23). فلا شئ يجعلنا قريبين الى الله أكثر من المحبة لله والصلاة فى ثقة به والطاعة له واللجوء اليه فى السراء والضراء. شرب ابراهيم من نهر الشركة العميقة مع الله فلم نسمع أنه بنى بيتاً يسكن فيه، بل كان ينصب خيمته حيثما حل وينقضها كلما ارتحل ولكنه في كل مكان كان يبني مذبح للرب ويقدم ذبيحته ويقترب إلى الله العلي في خوف وخشوع وجلال. وعند بلوطات  ممرا حيث انتقل إلى هناك بنى مذبحاً للرب، وفي بئر سبع دعا هناك باسم الرب الإله السرمدي. ومع أنه في مصر وفي جرار اختبر الخوف والضعف مع فرعون وأبيمالك، من جهة سارة زوجته لكن الله صديقه العظيم لم يتركه في المحنة والخوف والضعف، بل دافع عنه على النحو الكريم الطيب المعروف من إله لا يصنع معنا حسب خطايانا أو يجازينا حسب آثامنا لأنه يعلم أننا تراب ورماد كما قال ابونا إبراهيم { فاجاب ابراهيم وقال اني قد شرعت اكلم المولى وانا تراب ورماد }(تك 18 : 27). وعندما نكون اصدقاء مع الله فسنجده لنا معين ومخلص لاسيما فى الضعف، وتصير صلاتنا اليه لا واجباً أو عبئاً يقع عليك بل هي حب وفرح وراحة نتمتع بها، كما تمتعت مريم عندما جلست عند قدمي المخلص واختارت النصيب الصالح الذي لا يمكن أن ينزع منها.
 ان عمق علاقة ابراهيم بالله فى الصلاة نراها فى روح التشفع والصلاة من اجل سدوم وعموره وفي التشفع نرى الله وإبراهيم يتحدثان معاً فى شركة بين الخالق والمخلوق، وبين المحب والحبيب والله يبادر ويعلن خطته لخليله ويتركه يتشفع ويتفاوض معه { فَقَالَ الرَّبُّ: «هَلْ أُخْفِي عَنْ إِبْرَاهِيمَ مَا  أَنَا فَاعِلُهُ. وَإِبْرَاهِيمُ يَكُونُ أُمَّةً كَبِيرَةً وَقَوِيَّةً وَيَتَبَارَكُ بِهِ جَمِيعُ أُمَمِ الأَرْضِ؟لأَنِّي عَرَفْتُهُ لِكَيْ يُوصِيَ بَنِيهِ وَبَيْتَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَنْ يَحْفَظُوا طَرِيقَ الرَّبِّ لِيَعْمَلُوا بِرّاً وَعَدْلاً لِكَيْ يَأْتِيَ الرَّبُّ لإِبْرَاهِيمَ بِمَا تَكَلَّمَ بِهِ».  وَقَالَ الرَّبُّ: «إِنَّ صُرَاخَ سَدُومَ وَعَمُورَةَ قَدْ كَثُرَ وَخَطِيَّتُهُمْ قَدْ عَظُمَتْ جِدّاً} (تك17:18-20) فان سر الرب لخائفيه وعهده لتعليمهم. وجيد للمؤمن أن يتعلم فن الاستماع وفن وادب المخاطبة لاسيما مع الله. فالصديق المتعمق في الشركة مع الله، هو الذي يجهز أذنه ويقول: تكلم فإن عبدك سامع! إذ ما أكثر الذين يكلمون الله دون أن ينصتوا إليه ويسمعوه. لكن إبراهيم كان يحسن الإنصات، ويحسن  أيضاً الكلام والحديث مع سيده وخالقه ومحبه وصديقه. وفي التشفع من أجل سدوم وعمورة نرى تحدث إلى الله من أجل إنقاذ اناس لا يمتوا له بصلة بل قد يكونوا اعداء الغد له ولنسله فهل لنا روح الصلاة حتى لاعدائنا هذا هو سر عظمة وسمو إبراهيم الذى يرتفع فوق كل خبث وأنانيه تجاه الصديق أو العدو على حد سواء، ومن أجل ذلك ألح إبراهيم بلجاجة من أجل المدن الشريرة الخاطئة، التي صعد صراخها القبيح المزعج أمام الله في السماء إن الصلاة والتشفع فى الخطاة عند إبراهيم يبدأ بالحب والحنو والصفاء ورغبة الخير لجميع الناس، مهما فكروا، ومهما أضمروا، ومهما كانت نواياهم في الحاضر أو المستقبل خيراً أو شراً على حد سواء فديان الأرض كلها عادل فى رحمته ورحيم فى عدله. إن الصلاة من اجل الاخرين أمر واجب علينا وحسن ومقبول عند الله { فَأَطْلُبُ أَوَّلَ كُلِّ شَيْءٍ أَنْ تُقَامَ طِلْبَاتٌ وَصَلَوَاتٌ وَابْتِهَالاَتٌ  وَتَشَكُّرَاتٌ  لأَجْلِ  جَمِيعِ النَّاسِ،لأَجْلِ  الْمُلُوكِ وَجَمِيعِ الَّذِينَ هُمْ فِي مَنْصِبٍ، لِكَيْ نَقْضِيَ حَيَاةً مُطْمَئِنَّةً هَادِئَةً فِي كُلِّ تَقْوَى وَوَقَارٍ،لأَنَّ هَذَا حَسَنٌ وَمَقْبُولٌ لَدَى مُخَلِّصِنَا اللهِ، الَّذِي يُرِيدُ أَنَّ جَمِيعَ النَّاسِ يَخْلُصُونَ وَإِلَى مَعْرِفَةِ الْحَقِّ يُقْبِلُونَ} (1تيم1:2-4). وان كانت الصلاة والتشفع من اجل سدوم وعموره لم تصل الى غايتها لكن الله يقدرها كثيرا ومن اجل قلة من الابرار يصبر الله ويرحم مدننا وقرانا فلنواصل الصلاة فى تقوى ومحبة لله لينجينا من الدمار والخراب والطوفان لكن كانت صلاة ابراهيم سببا فى نجاة لوط وبناته { وحدث لما اخرب الله مدن الدائرة ان الله ذكر ابراهيم وارسل لوطا من وسط الانقلاب حين قلب المدن التي سكن فيها لوط } (تك19 : 29) ونتسأل هل ضاعت هذه المدن بسبب شرها الرهيب المخيف، أم بسبب آخر هو أن إبراهيم توقف في شفاعته عند حدود العشرة الأبرار الذين كان يظن أنهم موجودون بها، دون أن يوجدوا؟. وهل لو أنزل العدد إلى حدود ثلاثة أو أربعة أما كان من المتوقع أن تنجو المدينة من أجل الثلاثة أو الأربعة؟. لقد قال الله على لسان ارمياء النبي { طُوفُوا فِي شَوَارِعِ أُورُشَلِيمَ  وَانْظُرُوا  وَاعْرِفُوا وَفَتِّشُوا فِي سَاحَاتِهَا.هَلْ تَجِدُونَ إِنْسَاناً أَوْ يُوجَدُ عَامِلٌ بِالْعَدْلِ طَالِبُ الْحَقِّ فَأَصْفَحَ عَنْهَا؟} (ار1:5). لقد كانت الصلاة هى مصدر الالهام والرؤيا الإلهية لدى إبراهيم والتى سندته وقوته فى مخاوفه واعلنت له رعاية الله. فبعد استرداده للوط وأهل بيته من ملوك الشمال بعد معركة كدر لعومر خاف ابراهيم من هجوم قبائل الشمال عليه فظهر له الرب قائلاً { بَعْدَ هَذِهِ الأُمُورِ  صَارَ كَلاَمُ الرَّبِّ إِلَى أَبْرَامَ فِي الرُّؤْيَا:لاَ تَخَفْ يَا أَبْرَامُ.أَنَا  تُرْسٌ لَكَ. أَجْرُكَ كَثِيرٌ جِدّاً}(تك 1:15). ولانه فى عزة نفس رفض ان ياخذ شئ من الغنائم فان الله وعده بالاجر الكثير من لدنه.
عهد الله مع إبراهيم.. هنا دخل الله فى  عهد مع إبراهيم ولقد اعتاد القدماء ان يقطعوا عهودهم على ذبيحة يشقونها نصفين، ويجوز كل طرف بين الشقين، وكأنه يقبل أن يشقه الله مثل الذبيحة إذا خان العهد. وهكذا قطع الله عهده مع إبراهيم بهذه الصورة المألوفة { فَقَالَ لَهُ:«خُذْ لِي عِجْلَةً ثُلاَثِيَّةً وَعَنْزَةً  ثُلاَثِيَّةً وَكَبْشاً ثُلاَثِيّاً وَيَمَامَةً وَحَمَامَةً». فَأَخَذَ هَذِهِ كُلَّهَا وَشَقَّهَا مِنَ الْوَسَطِ وَجَعَلَ شِقَّ كُلِّ وَاحِدٍ مُقَابِلَ  صَاحِبِهِ. وَأَمَّا الطَّيْرُ فَلَمْ يَشُقَّهُ. فَنَزَلَتِ الْجَوَارِحُ عَلَى الْجُثَثِ وَكَانَ أَبْرَامُ يَزْجُرُهَا. وَلَمَّا صَارَتِ الشَّمْسُ  إِلَى الْمَغِيبِ وَقَعَ عَلَى أَبْرَامَ سُبَاتٌ وَإِذَا رُعْبَةٌ مُظْلِمَةٌ عَظِيمَةٌ وَاقِعَةٌ عَلَيْهِ. فَقَالَ لأَبْرَامَ: «اعْلَمْ يَقِيناً أَنَّ  نَسْلَكَ سَيَكُونُ غَرِيباً فِي أَرْضٍ لَيْسَتْ لَهُمْ وَيُسْتَعْبَدُونَ لَهُمْ فَيُذِلُّونَهُمْ أَرْبَعَ مِئَةِ سَنَةٍ. ثُمَّ غَابَتِ الشَّمْسُ  فَصَارَتِ الْعَتَمَةُ وَإِذَا تَنُّورُ دُخَانٍ وَمِصْبَاحُ نَارٍ يَجُوزُ بَيْنَ تِلْكَ الْقِطَعِ. فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ قَطَعَ الرَّبُّ مَعَ أَبْرَامَ مِيثَاقاً}(تك 9:15-13، 17-18). أننا نرث الأرض الجديدة التى يسكن فيها البر عن طريق ذبيحة المسيح على الصليب. كانت الطيور الجارحة تنزل على جثث الذبائح، لكن إبراهيم كان يزجرها، وهذه الجوارح ترمز للشياطين، وهكذا ينبغى أن نحفظ ذبائحنا الروحية وصلواتنا التي نقدمها لله من الأفكار الشريرة والخضوع للشيطان ومشوراته أو شيطان المجد الباطل. لقد انبأ الله ابراهيم عن الضيقة التي سيتعرض لها نسله ثم الخروج والتحرر الذى يأتي بعدها. الله يكفكف دموع المؤمنين المظلومين ويحررهم ويعاقب القائمين عليهم ان هذا يعطينا ثقة فى معاملات الله الطيبة معنا فى كل زمان. ان مصباح النار المتقد الذى مر بين الذبائح يشير إلى وجود الله الدائم وسط شعبه فى الضيقات والآلام. وتحمل الله لمسئولية تنفيذ الميثاق مع البشر وهكذا كانت مصالحتنا مع الله بموت المسيح إنعاما من جانب الله نحو الإنسان الضعيف.
 ميثاق سلام بئر سبع ... كان إبراهيم رجل سلام وعهود ولقد قطع أول ميثاق سلام بينه وبين ابيمالك الذى صنع معروفا مع ابراهيم وافكول رئيس جيش الفلسطينين فى بئر سبع. ان ذلك يجب ان يكون أساس لسلام دائم بين الاسرائيلين والفلسطينين. السلام العادل والشامل يدوم ولا يقوم الاغتصاب أو العدوان او الكراهية فالارض تكفى للعيش المشترك والتعاون على اسس تكامل المصالح والاحترام المتبادل والعمل على مد جسور السلام والتصالح بين سكان الاراضى المقدسة من ابناء ابراهيم التى تباركت بايمان ابراهيم وحياته فيها من مختلف الاعراق والامم { وَحَدَثَ فِي ذَلِكَ  الزَّمَانِ أَنَّ أَبِيمَالِكَ وَفِيكُولَ رَئِيسَ جَيْشِهِ قَالاَ لإِبْرَاهِيمَ: «اللهُ مَعَكَ فِي كُلِّ مَا أَنْتَ صَانِعٌ. فَالْآنَ احْلِفْ  لِي بِاللهِ هَهُنَا أَنَّكَ لاَ تَغْدُرُ بِي وَلاَ بِنَسْلِي وَذُرِّيَّتِي. كَالْمَعْرُوفِ الَّذِي صَنَعْتُ إِلَيْكَ تَصْنَعُ إِلَيَّ وَإِلَى الأَرْضِ الَّتِي تَغَرَّبْتَ فِيهَا». فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: «أَنَا أَحْلِفُ». وَعَاتَبَ إِبْرَاهِيمُ أَبِيمَالِكَ لِسَبَبِ بِئْرِ الْمَاءِ  الَّتِي  اغْتَصَبَهَا عَبِيدُ أَبِيمَالِكَ. فَقَالَ أَبِيمَالِكُ: «لَمْ أَعْلَمْ مَنْ فَعَلَ هَذَا الأَمْرَ. أَنْتَ لَمْ تُخْبِرْنِي وَلاَ أَنَا سَمِعْتُ  سِوَى الْيَوْمِ».فَأَخَذَ إِبْرَاهِيمُ غَنَماً وَبَقَراً وَأَعْطَى أَبِيمَالِكَ فَقَطَعَا كِلاَهُمَا مِيثَاقاً. وَأَقَامَ إِبْرَاهِيمُ سَبْعَ نِعَاجٍ  منَ الْغَنَمِ وَحْدَهَا. فَقَالَ أَبِيمَالِكُ لإِبْرَاهِيمَ: «مَا هِيَ هَذِهِ السَّبْعُ النِّعَاجِ الَّتِي أَقَمْتَهَا وَحْدَهَا؟» فَقَالَ: «إِنَّكَ سَبْعَ نِعَاجٍ تَأْخُذُ مِنْ يَدِي لِكَيْ تَكُونَ لِي شَهَادَةً بِأَنِّي حَفَرْتُ هَذِهِ الْبِئْرَ». لِذَلِكَ دَعَا ذَلِكَ الْمَوْضِعَ بِئْرَ سَبْعٍ. لأَنَّهُمَا هُنَاكَ حَلَفَا كِلاَهُمَا. فَقَطَعَا مِيثَاقاً فِي بِئْرِ سَبْعٍ. ثُمَّ قَامَ أَبِيمَالِكُ وَفِيكُولُ رَئِيسُ  جَيْشِهِ وَرَجَعَا إِلَى أَرْضِ الْفَلَسْطِينِيِّينَ. وَغَرَسَ إِبْرَاهِيمُ أَثْلاً فِي بِئْرِ سَبْعٍ وَدَعَا هُنَاكَ بِاسْمِ الرَّبِّ «الإِلَهِ السَّرْمَدِيِّ». وَتَغَرَّبَ إِبْرَاهِيمُ فِي أَرْضِ الْفَلَسْطِينِيِّينَ أَيَّاماً كَثِيرَةً.} (تك 21:21-34). علي قاده وشعوب الاراضي المقدسة والمنطقة العمل الجاد والأمين من أجل التغلب على مشاعر العداوة والكراهية والتوصل الى صيغة مقبوله ومتوازنة تضمن العيش بسلام وأمن والتعاون من أجل مستقبل افضل لابناء وشعوب المنطقة جميعا.

ليست هناك تعليقات: