للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى
رسول وسفير فوق العادة ...
+ كتب القديس بولس الرسول أربعة عشر رسالة
من أسفار العهد الجديد الـ 27 . ويوجد برسائل القديس بولس مائة أصحاح من ال 260
أصحاح المكون منهم العهد الجديد. وأهتم بولس الرسول بالخدمة والكرازة فى آسيا
وأوربا بين الأمم من مختلف الجنسيات وفي جميع الظروف وتميزت خدمته بالحرارة
الروحية والسعي لخلاص كل أحد. وعلي قدر نمو القديس بولس في الروح وفي محبة الله
فانه سعي أن يكرز ويبشر بالإيمان لكل أحد فى يقين بانه مدعو من الله الذى ظهر له
وكلفه برسالة ساميه نحو للأمم ليفتح عيونهم ليرجعوا وينالوا بالإيمان غفران
الخطايا ونصيباً مع المقدسين { فَقُلْتُ أَنَا: مَنْ أَنْتَ يَا سَيِّدُ؟ فَقَالَ:
أَنَا يَسُوعُ الَّذِي أَنْتَ تَضْطَهِدُهُ. وَلَكِنْ قُمْ وَقِفْ عَلَى
رِجْلَيْكَ لأَنِّي لِهَذَا ظَهَرْتُ لَكَ لأَنْتَخِبَكَ خَادِماً وَشَاهِداً
بِمَا رَأَيْتَ وَبِمَا سَأَظْهَرُ لَكَ بِهِ. مُنْقِذاً إِيَّاكَ مِنَ الشَّعْبِ
وَمِنَ الأُمَمَ الَّذِينَ أَنَا الآنَ أُرْسِلُكَ إِلَيْهِمْ. لِتَفْتَحَ
عُيُونَهُمْ كَيْ يَرْجِعُوا مِنْ ظُلُمَاتٍ إِلَى نُورٍ وَمِنْ سُلْطَانِ
الشَّيْطَانِ إِلَى اللهِ حَتَّى يَنَالُوا بِالإِيمَانِ بِي غُفْرَانَ
الْخَطَايَا وَنَصِيباً مَعَ الْمُقَدَّسِينَ.} ( أع 15:26-18).
+
كان بولس سفير فوق العادة لله يجول في كل الأرض حيث لم يذهب رسول غيره وتكون
الخدمة أصعب واشق ليأتي بالجميع للإيمان بالمسيح . يعظ ويطلب عن المسيح من الجميع
كي يتصالحوا مع الله { اذا نسعى كسفراء عن المسيح كأن الله يعظ بنا نطلب عن المسيح
تصالحوا مع الله }(2كو 5 : 20). وقد جال يبشر ببشارة الملكوت من اورشليم الي
ايطاليا ورومانيا وأسبانيا { حَتَّى أَكُونَ خَادِماً لِيَسُوعَ الْمَسِيحِ
لأَجْلِ الأُمَمِ مُبَاشِرا لاِنْجِيلِ اللهِ كَكَاهِنٍ لِيَكُونَ قُرْبَانُ
الأُمَمِ مَقْبُولاً مُقَدَّساً بِالرُّوحِ الْقُدُسِ. فَلِي افْتِخَارٌ فِي
الْمَسِيحِ يَسُوعَ مِنْ جِهَةِ مَا لِلَّهِ. لأَنِّي لاَ أَجْسُرُ أَنْ
أَتَكَلَّمَ عَنْ شَيْءٍ مِمَّا لَمْ يَفْعَلْهُ الْمَسِيحُ بِوَاسِطَتِي لأَجْلِ
إِطَاعَةِ الأُمَمِ بِالْقَوْلِ وَالْفِعْلِ. بِقُوَّةِ آيَاتٍ وَعَجَائِبَ
بِقُوَّةِ رُوحِ اللهِ. حَتَّى إِنِّي مِنْ أُورُشَلِيمَ وَمَا حَوْلَهَا إِلَى
إِللِّيرِيكُونَ قَدْ أَكْمَلْتُ التَّبْشِيرَ بِإِنْجِيلِ الْمَسِيحِ.} ( رو 16:
15-19). يشعر خلال محبته لله والناس أنه كاهن يقدّم حياة المخدومين الإيمانية
تقدمة حب مقبولة ومقدسة لدى الله ويقدّمها لا لحساب نفسه بل لحساب المخدومين،
ليتمجّد الله فيهم بقبولهم، ويقابل المخدومين محبته بالحب، فيسندوه في خدمته للأمم
بإتساع قلبهم وطاعتهم للإيمان والصلاة من أجله والشهادة لله أمام الجميع. وإن كانت
خدمة القديس بولس لبنيان الآخرين روحيًا في الرب فهي فخر له ومجد لعمل نعمة الله
الغنية العاملة فيه ككارز إذ هو يخدم بقوة وقيادة الروح القدس. كان بولس يشعر بثقل
المسؤولية الملقاة عليه كخادم لانجيل المسيح ينطلق للخدمة في غيرة بلا حدود
للكرازة لا في البلاد الخاضعة لروما فحسب وإنما في كل مكان. بغيرة ممزوجة
بروح التواضع؛ كان القديس ينطلق من أورشليم ليخدم في كل موضع بالإنجيل حتى
الليريكون وهي مقاطعة رومانية على الشاطئ الشرقي للبحر الأدرياتيكي. وقد سميت هذه
المقاطعة فيما بعد باسم دلماطية
وهي الآن جزء من يوغسلافيا. ويخدم
في الاماكن التي لم يذهب اليها رسول آخر لكي لا يدخل على تعب غيره وينسب الناس
النجاح إليه.
الدراسة
والخبرة الروحية العميقة ...
+
كانت لبولس الرسول الدراية المتسعة لخطة الله للخلاص في العهد القديم ونبوءاته عن
المسيا المنتظر نراها في أقتباساته وتفسيره ورؤيته المسيحية للعهد القديم وعن خلاص
الله ومعاملاته مع أناس الكتاب القديسين عبر التاريخ. وكان لبولس ايضا فكر المسيح
المقدس والمتضع والقلب المحب الذي يريح المتعبين ويقيم الساقطين ويقول مع المسيح {
تعالوا الي يا جميع المتعبين والثقيلي الاحمال وانا اريحكم. احملوا نيري عليكم وتعلموا
مني لاني وديع ومتواضع القلب فتجدوا راحة لنفوسكم. لان نيري هين وحملي خفيف} (مت
28:11-30). وقد شكل الله القديس بولس كانية للكرامة بشخصيته القوية وثقافته
المتسعة وقلبه المحب وروحه الناري وتلمذته لغملائيل أفضل معلم للناموس في عصره. ثم
ظهور الرب يسوع المسيح له مرات عدة ثم انقياده للروح القدس في كلامه وخدمته
ورسائله { مبنيين على اساس الرسل والانبياء ويسوع المسيح نفسه حجر الزاوية }(أف 2
: 20).
+
سار القديس بولس علي خطي سيده الذى كان يجول يصنع خير ويكرز ببشارة ملكوت الله {
وَبَعْدَ مَا أُسْلِمَ يُوحَنَّا جَاءَ يَسُوعُ إِلَى الْجَلِيلِ يَكْرِزُ
بِبِشَارَةِ مَلَكُوتِ اللَّهِ. وَيَقُولُ: «قَدْ كَمَلَ الزَّمَانُ وَاقْتَرَبَ
مَلَكُوتُ اللَّهِ فَتُوبُوا وَآمِنُوا بِالإِنْجِيلِ.} ( مر 14:1-15). وقد ذهب
القديس بولس بإعلان من الله إلى أعمدة الكنيسة الأم فى أورشليم ليعطوه يمين الشركة
{ فاذ علم بالنعمة المعطاة لي يعقوب وصفا ويوحنا المعتبرون انهم اعمدة اعطوني
وبرنابا يمين الشركة لنكون نحن للامم واما هم فللختان }(غل 2 : 9). لقد ذهب
لأورشليم وعرض علي التلاميذ الرسل خدمته وكرازته لكي ياخذ يمين الشركة كرسول
للأمم من المعتبرين أعمدة في كنيسة الله ولم تنحصر هذه المقابلة في عدم إضافة شيء
إلى إنجيله فحسب، وإنما أخذوا قرارات خاصة بتقسيم حقل الخدمة إلى كرازة لليهود
وأخرى للأمم. فصارت كرازة القديس بولس الرئيسية وسط الشتات، أي للأمم واليهود
الساكنين خارج فلسطين. أما القديس بطرس ورفقاؤه فيستمرون في مزاولة عملهم الكرازي
في فلسطين. وذهب لأورشليم بإعلان من الله { وإنما صعدت بموجب إعلان وعرضت عليهم
الإنجيل الذي أكرز به بين الأمم ولكن بالانفراد على المعتبرين لئلا أكون أسعى او
قد سعيت باطلا} (غل 2 : 2).كان هدفه من عرض الإنجيل الذي يبشر به بين الأمم على
المعتبرين أعمدة، ليس تشككه هو من جهة تعليمه، وإنما من أجل نفع الذين يكرز بينهم
فيجد سندًا ومصداقية له من قادة الكنيسة في أورشليم أمامهم ولكي لا يضايقهم الإخوة
الكذبة أو يشككوا في رسوليته.
+
القديس بولس المفرز رسول إنجيل الله...
كان
القديس بولس بولس واثق ومؤقن من إيمانه بدعوة الله له { بولس عبد ليسوع المسيح
المدعو رسولا المفرز لإنجيل الله} (رو 1 : 1). يكرز لكن ليس بسمو الحكمة الإنسانية
المقنع بل بقوة الروح {لاني لست استحي بانجيل المسيح لانه قوة الله للخلاص لكل من
يؤمن لليهودي اولا ثم لليوناني} (رو 1 : 16). كان هدفه كخادم وكاهن
لله أن يقدم الكنيسة بمؤمنيها عذراء عفيفة للمسيح { فإني أغار عليكم غيرة
الله لأني خطبتكم لرجل واحد لأقدم عذراء عفيفة للمسيح} (2كو 11 : 2). ونجحت خدمة
القديس بولس فى نشر رسالة الإنجيل وكان قدوة صالحة علي قدر تمثله بسيده ربنا يسوع
المسيح{ ان انجيلنا لم يصر لكم بالكلام فقط بل بالقوة ايضا وبالروح القدس وبيقين
شديد كما تعرفون اي رجال كنا بينكم من أجلكم } (1تس 1 : 5) وكان يطلب من
المؤمنين أن يعيشوا كما يحق لإنجيل الله { فقط عيشوا كما يحق لإنجيل المسيح
حتى إذا جئت ورايتكم أو كنت غائبا اسمع اموركم انكم تثبتون في روح واحد مجاهدين
معا بنفس واحدة لايمان الانجيل} (في 1 : 27). واستطاع القديس بولس أن ياتي
بالكثيرين ليكونوا رعية وأهل بيت الله { فَلَسْتُمْ إِذاً بَعْدُ غُرَبَاءَ
وَنُزُلاً، بَلْ رَعِيَّةٌ مَعَ الْقِدِّيسِينَ وَأَهْلِ بَيْتِ
اللهِ،.مَبْنِيِّينَ عَلَى أَسَاسِ الرُّسُلِ وَالأَنْبِيَاءِ، وَيَسُوعُ
الْمَسِيحُ نَفْسُهُ حَجَرُ الزَّاوِيَةِ،.الَّذِي فِيهِ كُلُّ الْبِنَاءِ
مُرَكَّباً مَعاً يَنْمُو هَيْكَلاً مُقَدَّساً فِي الرَّبِّ. الَّذِي فِيهِ
أَنْتُمْ أَيْضاً مَبْنِيُّونَ مَعاً، مَسْكَناً لِلَّهِ فِي الرُّوحِ} (أف 19:2-22).
حقا استطاع القديس بولس نعمة الله العاملة فيه أن يجمع ويضم اليهود والأمم للسيد
المسيح كاخوّة و أهْلِ بَيْتِ اللهِ
لهم نفس الحقوق وعليهم نفس الواجبات إذ دخلوا في بناء الكنيسة
الجامعة التي أساسها الرسل والأنبياء و حجر زاويتها السيد المسيح. بمعنى آخر لم
يعد أنبياء العهد القديم، ولا رسل العهد الجديد، ولا المسيح نفسه، حكرًا على أمة
اليهود دون غيرهم. بل يصير كل مؤمن هو هيكل الله يسكن فينا المسيح ونصير جسده
السري وهيكله الروحي ووارثي ملكوته السماوي كل واحد منا ينال أجرته علي حسب
تعبه.