نص متحرك

♥†♥انا هو الراعي الصالح و الراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف يو 10 : 11 ♥†♥ فيقيم الخراف عن يمينه و الجداء عن اليسار مت32:25 ♥†♥ فلما خرج يسوع راى جمعا كثيرا فتحنن عليهم اذ كانوا كخراف لا راعي لها فابتدا يعلمهم كثيرا مر 34:6 ♥†♥ و اما الذي يدخل من الباب فهو راعي الخراف يو 2:10 ♥†♥

الخميس، 28 مارس 2013

نقاوة القلب



قلبا نقيا اخلق في يا الله وروحا مستقيما جدد في داخلي
(مز 51 : 10)
                                                                                               
للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى
 قلبك مسكن الله  
ان أفضل واحب مسكن لله هو قلب الانسان المؤمن. لهذا يطلب منا الله أن نحبه من كل القلب والنفس والقدرة كأفضل ذبيحة مقبولة امامه { فمحبة الله من كل القلب ومن كل الفهم ومن كل النفس ومن كل القدرة ومحبة القريب كالنفس أفضل من جميع المحرقات والذبائح } (مر 12 : 33) . ولهذا وعاتب الله قديماً الشعب الذي يقترب منه بفمه ويكرمه بشفتيه وأما قلوبهم فبعيدة عنه (أش 9 2 : 13) الله يخاطبنا قائلا  {يا ابني أعطيني قلبك ولتلاحظ عيناك طرقي} (أم 23 : 26 ). القلب الذى نتحدث عنه ليس المضخة التي تضخ الدم فى الجسد فقط بل هو مركز الإنسان الداخلي والذي منه تصدر العواطف والمعرفة العاقلة وهو جوهر وباطن الإنسان بما فيه من ذكريات وقرارات  والذى فيه يتحاور الإنسان وينفتح على الله أو يتعلق باشياء او اشخاص أو شهوات . ولمّا كان من العسير على الآخرين النفاذ إلى الإنسان الداخلي فان مظهر الإنسان الخارجي يدل على داخله، كما ان أفعاله تشهد على ما في قلبه وما يقوله يحكم على ما في قلبه من تصورات وأفكار لأنه من فضلة القلب يتكلم اللسان .
لقد خلق الله الإنسان على صورته وكشبهه بقلب صالح، ولما كان السقوط رأينا الإنسان يهرب من الحديث مع الله {ورأى الرب إن شرّ الإنسان قد كثر في الأرض وان تصور أفكار قلبه إنما هو شر كل يوم}( تك 5 : 6) فانه الخطية  تدنس القلب وبالكبرياء  يفسد وتفارق نعمة الله القلب. وبإتباع الإنسان لأهوائه وشهوات قلبه تتقسي القلوب.لهذا عمل  الله بالناموس الطبيعي والضمير وبالأنبياء عمل على إيقاظ قلوب بني البشر ليرجعوا إلى الله فيجدونه وان يعطوا الله قلوبهم ويلاحظوا طرقه ووصاياه {ثم إن طلبت الرب إلهك تجده أذا التمسته بكل قلبك  وبكل نفسك } (تث 4 : 29). بل وعد أن يختن الرب إلهنا قلوبنا، لكي نحبه من كل القلب والنفس فنحيا به وهذا ما أتمه الله في العهد الجديد بحلول الروح القدس على المؤمنين،  ليصير قلبهم مسكناً لروحه يقدسه له لنصير هياكل روح الله ويصير قلبنا مذبحاً مُكَّرساً للعبادة وبصلوات التقية والمحبة الصادقة وإذ يتنقى القلب يعاين الله ويعمل المسيح بالإيمان فيه .
 أنواع من القلوب
 هناك العديد من القلوب التي تعتبر مريضة وتحتاج إلى العلاج والإصلاح،  فالقلوب القاسية هي قلوب حجرية لا ترقُّ لضعف، ولا ترحم أحداً، كما انه توجد قلوب شريرة  تعمل وتفكر فى الشر ولهذا يخرج منها الشر  {لأن من القلب تخرج أفكار شريرة، قتل، زنى، فسق، سرقة ، شهادة زور، تجديف} ( مت 15 : 19) هذه تنجس الإنسان كله  {القلب أخدع من كل شيء وهو نجيس من يعرفه}(أر 7 1 :9 ) إن الله قادر ان يطهر كل القلوب الخاطئة عندما تتوب وتجاهد وترجع الى الله. فلقد وهب الله سليمان قلباً حكيماً ومميزاً حتى انه لم يكن مثله من  قبل ولا يقوم بعده نظيره (1مل 3 : 12) وأعطاه حكمة وفهماً كثيراً ورحابة قلب كالرمل الذي على شاطئ البحر (1مل 4 : 29 ) لانه طلب ذلك من الله وجاهد ليكون له القلب الحكيم كما انه مسح ملكا وحل عليه روح الله ، لكن هذا القلب الحكيم عندما أستسلم لحياة اللذة والترف {كان في زمان شيخوخته إن نساءه أملن قلبه وراء ألهه أخرى ولم يكن قلبه كاملاً مع الرب كقلب داود أبيه}(1مل 4 :11).
كما خدعت دليلة شمشون الجبار وأسلمته لأعدائه عندما احبها وكشف لها سر قوته عندما قالت له { كيف تقول احبك وقلبك ليس معي وهوذا ثلاث مرات قد خذلتني ولم تخبرني بماذا قوتك العظيمة } (قض 15 : 16) فلما باح لها بسرّ قوته سلمته لأعدائه ليعاملونه كالحيوان يطحن لهم.
لهذا يحذرنا الله من محبة العالم وشهواته وخطاياه  والسير فيها {لا تتبع هواك ولا قوتك لتسير في شهوات قلبك}( سير 2 : )5 وكذالك يحذرنا من محبة المال الذي هو أصل كل الشرور، لان الطمع يفسد القلب، ويظلم البصيرة الداخلية . {فانظروا أيها الإخوة أن لا يكون في أحدكم قلب شرير بعدم إيمان في الارتداد عن محبة الله الحي}(عب 3 : 12). كما ان هناك قلوب منقسمة بين محبة الله ومحبة العالم وشهواته وليست كاملة امام الله ولهذا يحذرنا الكتاب من ان نعرج  بين الفرقتين فالقلب المنقسم لا ينجح ولا ينال شيئا صالحا .

كيف أقتني قلباً صالحاً ؟
 -  إن الخطية والشهوات تلوث القلب وعندما نصنع الخطية فان الشيطان والافكار الشريرة  تنجس القلب،  فبدلاً من أن يكون مصدر الصلاح والخير يصير مدنس ونجس. فلنعمل جاهدين على الصراخ إلى الله بتواضع ودموع لحراسة قلبونا وتنقيتها لكي تصير مسكناً لله ومذبحا للصلاة. ولكي نقتني القلب الصالح يجب ان نجاهد متضرعين لله ان يعمل فيك ولتسندك نعمته الغزيرة .                     
 - لنحيا بتواضع  القلب ... نسلك ونحيا متواضعين ونداوم علي الصلاة إلى الله، والرجوع إليه وبتجديد الإنسان الداخلي  بكلمة الله الحية والفعالة والتناول من الاسرار المقدسة { تغيروا عن شكلكم بتجديد أذهانكم لتعرفوا إرادة الله الكاملة الصالحة المرضية} وإذ نعرف إرادة الله نُصمِّم على تنفيذها باتضاع قلب ووداعة .
- الإيمان العامل بالمحبة ... إن إيماننا بالتجسد الإلهي . وبان الله جاء وأعطانا البصيرة الروحية يحررنا من الخطية واثقين  في قدرة الله وفي فدائه الثمين وحبه  {هذه هي المحبة ليس إننا نحن أحببنا الله بل انه هو أحبنا وأرسل ابنه كفارة لخطايانا}( 1 يو 4 : 10 ) علينا ان نسعى فى طاعة وصايا الله وان نصنع ارادته {غاية الوصية هي المحبة من قلب طاهر وضمير صالح وإيمان بلا رياء} (1تي 1 : 5). بالتجسد الإلهي امتلك ربنا يسوع المسيح قلباً مثلنا لكنه كان طاهرا بلا خطية يمتلئ بالحنان نحو البشر. بهذا القلب الحنون المحبّ أشفق على المرضى والمحتاجين والخطاة وداوى كل أمراضنا ودفع ديون خطايانا ساترا على ضعف الضعفاء، وشافيا للمتسلط عليهم إبليس. وهو لا زال يعمل ويريد إن يعمل معك،  فان أمنت فكل شيء مستطاع للمؤمن.
- نعمة الروح القدس تطهر القلب...  يصرخ المرنم طالباً {قلباً نقياً اخلق في يا الله وروحاً مستقيماً جدّده في أحشائي، لا تطرحني من قدام وجهك وروحك القدوس لا تنزعه مني}. إن القلب المنكسر والمنسحق لا يرذله الله. إن المعمودية هي ولادة جديدة للإنسان من الماء والروح تطهر القلب وتعطينا غفراناً لخطايانا الأصلية والتي اقترفناها قبل العماد وبالميرون المقدس نصير هياكل للروح القدس الوديع الذي يحرق خطايانا ويقودنا في حياة الفضيلة والبرّ، لتظهر ثمار الروح القدس في حياتنا. ثم بعد ذلك ياتى دور التوبة والاعتراف عن الضعفات اليومية لغفران الخطايا التي نقترفها بالجهل والضعف والنسيان. وكلما جاهدنا مدققين في حياتنا الروحية يصير قلبنا مسكنًا يستريح فيه الله،  ومذبحاً ترتفع منه الصلوات النقيّة، فلنحرص على عبادة الله ومحبته من كل القلب ليضرم الله نعمة روحه القدوس داخلك مطهراً القلب جاعلاً إياه مسكناً له .
- الثبات في الربّ وكلامه.. إن كلمة الرب تنقّي الإنسان وتقدسه وكلما حرصنا على قراءتها في صلاة وتأمل وتواضع. فهي لها الفعالية في نمونا  وتقديسنا { لان كلمة الله حيّة وفعّالة وأمضى من كل سيف ذي حدين وخارقة إلى مفرق النفس والروح والمفاصل والنخاع ومميزة لأفكار القلب ونياته}( عب 4 : 12). يجب ان نعرف ان وصايا اللى يجب ان تطاع لنثبت فى الرب ونأتي بثمر ويدوم ثمرنا {فشكراً لله إنكم كنتم عبيداً للخطية ولكن أطعتم من القلب صورة التعليم التي تسلمتموها}( رو 6 : 12). فلنحرص على قراءة  الكتاب المقدس وكتابات الاباء القديسين فإنها تحررنا من النجاسة وتعطينا مادة مقدسة للصلاة والتأمل،  ولنلاحظ نفوسنا والتعليم ونداوم على ذلك فمتى فعلنا هذا نخلص نفوسنا والذين يسمعوننا أيضا. ان سر قوتنا هي كلمة الله التي تغلب الشرير {خبأت كلامك في قلبي كي لا اخطأ إليك} (مز 115 : 119) فلنحفظ كلمة الله في قلب جيد صالح ، ونثمر بالصبر ثمارا تليق بأبناء الله .
  التناول من الأسرار المقدسة باستمرار وباتضاع قلب ونطلب من الرب أن يهبنا حياة العفة والقداسة والنمو في الإيمان،  فان جسد ودم المسيح يسوع المُقدّسين قوة  للثبات  في الرب،  وغفران الخطايا وحياة أبدية لمن يتناول منه بانسحاق قلب ومداومة على الصلاة ، التناول يجعلنا نتغذى من عصارة الكرمة الحقيقة يسوع المسيح الهنا القادر على أن يقودك في موكب نصرته. ومتى طلبنا باستقامة قلب فان الرب سيعطينا  سؤل قلوبنا .
  صلاة القلب  ...
 - في مجال النمو الروحي  يجب ان نصلى الصلاة الدائمة كل حين ولا نمل. ففى عملنا وطريقنا وبيوتنا نرفع قلوبنا بالصلاة الى الله حتى فى النوم، تقول عروس النشيد للرب {نائمة أنا أما قلبي مستيقظ} (نش 5 : 2). فيكون القلب مضخة للصلاة تضخ للسماء تسبيحًا وطلبات وتوسلات من اجل خلاص العالم ، ومن اجل الخطاة، ومن اجل كل من هم في حاجة، وبهذا نقتني قلبًا شفوقًا يحل فيه ملكوت الله.
 - أن ذلك يأتي بالصلاة الدائمة عبر هدوء الحواس من الطياشة والفكر من السرحان فيما يضر وبمناجاة للاسم الحلو الذي لربنا يسوع المسيح أثناء الشهيق والزفير " يا رب يسوع المسيح ارحمني أنا الخاطئ " أو غيرها من الصلوات السهمية القصيرة " يا الله التفت إلي معونتي يا رب أسرع وأعنِّي " أو كما علّم القديس أنبا انطونيوس تلاميذه " يا رب يسوع ارحمني ، يا رب يسوع اعني ،أنا أسبحك يا رب يسوع " نقولها في هدوء ونتعود عليها طالبين من الرب أن يلهب قلوبنا بروحه القدوس كما قال تلميذا عمواس  { فقالا لبعضهما البعض الم يكن قلبنا ملتهباً فينا إذ كان يكلمنا في الطريق ويوضح لنا الكتب}( لو 24 : 32). في عملنا نردّد صلواتنا كعمل داخلي للقلب ونتلذذ باسمه الحسن فيعطينا سؤل قلبنا ويلهب القلب من نار محبته فلا نسكت ابدا ولا نكف عن الصلاة كما جاء في ارميا النبي  {فقلت لا اذكره ولا انطقه بعد باسمه فكان في قلبي كنار محرقة محصورة في عظامي فمللت من الإمساك ولم استطيع}(أر 9 : 20). لنحمل نير المسيح ونتعلّم منه لأنه وديع ومتواضع القلب فنجد راحة لنفوسنا،  ونصرخ طالبين منه أن يهبنا نقاوة القلب   لكي نعاينه داخلنا ، ويُتحرِّك قلبنا بالرحمة نحو كل الخليقة العاقلة وغير العاقلة وترتفع صلواتنا من اجل الجميع . 
- علينا ان نحترس من كل خطية حتى لو كانت الثعالب الصغيرة،  فإنها تفسد الكروم والثمار المتولدة من الصلاة والصلاح وننقي قلبنا من الغضب والذم والكراهية والرياء والإدانة فان هذه الخطايا  تمنع نعمة الله من الجريان داخل قلبك.
-  البعد عن الكلام البطّال والذى يضر ومنه تبرد حرارة القلب، ولا نطلب مديحاً من الآخرين وإلا نكون قد استوفينا أجرنا. لا نجعل قلبنا يتعلق بما هو ارضي بل ليكون كنزك في السماء لأنه حيث يكون كنزنا هناك يكون قلبنا أيضا.
- نضع الأبدية في قلبنا، فاننا غرباء علي  الأرض ووطننا الحقيقي هو السماء التي نحن سفراء لها ولأتعابنا على الأرض مكافأة على الأرض بها نسعد ونسر للحياة في كنف الأب السماوي المحب وفي النهاية حياة أبدية .
  أمتلك قلبي يا رب ......
   ارحمني يا الله كعظيم رحمتك  وامحُ إثمي بنعمتك، لأنك رءوف رحيم ادعوك ، ولأنك تحبني وفديتني أهبك حياتي . قلباً نقياً اخلق في يا الله ،وروحًا مستقيمًا جدّد في أحشائي، لا تطرحني من قدام وجهك، وروحك القدوس لا تنزعه مني .  اسمع صلاتي يا سيدي ، والى صراخي أمل أذنيك، لأنك وحدك الهي وغايتي. لك وحدك نعطي قلبي، فأرسل لنا نعمة روحك القدوس، لتشبع جوع نفوسنا ويحل ملكوتك داخلنا، فنحيا معك كل الايام، أمين .

ليست هناك تعليقات: